مواقع مكتبات اسلامية قيمة جدا

ب جاري/يا الله / جاري جاري / دار تحقيق التراث الإسلامي والعلمي / في وداع الله ياأماي///ب هانم// مدونة موطأ مالك / أعلام الإسلام / جامع الأصول لمجد الدين أبو السعادات ابن الجزري / أنس ويحي / صوتيات / ياربي:العتق من / النيران ومن الفتن / مدونة الخصوص / مدونة روابط // ب قيقي /مكتبة قيقي / /استكمال مدونة قيقي  / اللهم انتقم من الطالمين الطغاة الباغين  / مدونة قيقي  / النخبة في شرعة الطلاق ااا //ب حنين//ذكر الله / اللهم ارحم والداي واغفر لهما وتجاوز عن سيئاتهما وكل الصالحين / مدونة حنين ملخص الطلاق للعدة}} / الحنين/ /المدونة العلمية z. / المصحف العظيم / الحديث النبوي ومصطلحه. / قال الله تعالي/// بوستك//المدونة الطبية / تبريزي / من هم الخاسرون؟ / مدونة بوصيري / علوم الطبيعة ///ب بادي/استكمال ثاني{حجة ابراهيم علي قومه} / النظم الفهرسية الموسوعية الببلوجرافية للأحاديث النبوية وأهميتها / مدونة أذان / المناعة البشرية وعلاج الأمراض المستعصية من خلالها / علاج الأمراض المزمنة والسر في جهاز المناعة / الحميات الخطرة وطرق الوقاية منها والعلاج / المدونة الشاملة / أمراض الأطفال الشهيرة / م الكبائر وكتب أخري / مصحف الشمرلي+تحفة الأشراف للمزي+البداية والنهايةلابن كثير / مدونة الطلاق للعدة / القواميس العربية ومنها لسان العرب وتاج العروس وغيرهما //ب-البيهقي كله / مدونة الاصابة / الطلاق للعدة ما هو؟ / علامات القيامة / منصة مستدرك الحاكم / تعاليات إيمانية / السيرة النبوية /ب مكة /مدونة فتاح / مكه / علوم الفلك / مدونة الغزالي//ب انت ديني /الدجال الكذاب / الشيخ الشعراوي[نوعي] / ديرالدجال اا. / كتب ابن حزم والشوكاني وورد /إستكمال المحلي لابن حزم والشوكاني وابن كثير الحفاظ / المخلوقات الغامضة /السير والمغازي {ابن إسحاق- ابن هشام-كل السيرة النبوية} /كتاب الإحكام في أصول الأحكام / إحياء علوم الدين للغزالي / موقع الحافظ ابن كثير / مجموع فتاوي ابن تيمية / ابن الجوزي /البحيرة الغامضة / الكامل في التاريخ /الفتن / تصنيفات الإمامين:ابن حزم والشوكاني//// مجلد 3.سنن أبي داود / الجامع الصحيح سنن الترمذي / صحيح ابن ماجة – الإمام محمد ناصر الدين الألباني / فتح الباري لابن حجر / لسان العرب لابن منظور / مدونة العموم / الحافظ المزي مصنفات أخري / مدونة المصنفات / مسند أحمد وصحيح البخاري وصحيح مسلم.وسنن ابن ماجه. / مدونة مدونات كيكي1. / أبو داود والترمذي وابن ماجه / بر الوالدين شريعة / تهذيب التهذيب +الاصابة + فتح الباري/كلهم وورد / مدونة المستخرجات / كيكي

9 مصاحف

 

الخميس، 17 مايو 2018

5. نوااسخ القران ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }


 ذكر الآية الخامسة:
قوله تعالى: { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } (4)

__________
(1) - في "هـ" غير منقوطة.
(2) - في "م" عرال، وفي "هـ" عوال، كلاهما تحريف، والصواب ما أثبت عن كتب التراجم، وهو عراك بن مالك الغفاري الكناني المدني ثقة فاضل من الثالثة، مات في خلافة يزيد بن عبد الملك بعد المائة. انظر: التقربب (337).
(3) - الآية (103) من التوبة. وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 3/232 - 233، هذا القول وعزاه إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن عراك بن مالك وعمر بن عبد العزيز، وذكره أيضا مكي بن أبي طالب عن عمر بن عبد العزيز، ثم قال: (ومن حمل قوله "ولا ينفقونها" على معنى: ولا ينفقون الواجب عليهم منها، قال هي محكمة منصوصة في الزكاة. انظر: الإيضاح 272 - 273. قلت ولم يتعرض لدعوى النسخ هنا الطبري ولا النحاس، ولا المؤلف في مختصر عمدة الراسخ.
(4) - الآية (29) من سورة التوبة.
(1/401)
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا علي بن أيوب، قال: أبنا بن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد [بن] (1) محمد قال: بنا علي بن الحسين، عن أبيه [عن] (2) يزيد النحوي "عن" (3) عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } نسختها { [وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ] لِيَنْفِرُوا كَافَّةً } (4) وقد روى مثل هذا عن الحسن وعكرمة (5) وهذا ليس بصحيح، لأنه لا تنافي بين الآيتين، وإنما حكم كل آية قائم في موضعها [فإن قلنا: أن قوله] (6) { إِلاَّ تَنْفِرُوا } أريد به غزوة (7) تبوك فإنه (8) كان قد فرض على الناس كافة [النفير] (9) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا عاتب المخلفين وجرت قصة الثلاثة الذين خلفوا (10) وإن قلنا إن الذين استنفروا حي من العرب معروف كما ذكرنا في التفسير عن ابن عباس، فإنه قال: استنفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيا من أحياء العرب فتثاقلوا عنه، وأمسك عنهم المطر فكان عذابهم (11)
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - مكررة في "هـ".
(4) - الآية (122) من التوبة، وما بين معقوفين من الآية ساقطة من "هـ".
(5) - ذكر الطبري 10/95 من جامع البيان هذا القول عن الحسن وعكرمة كما ذكر نحوه النحاس بسند ضعيف عن ابن عباس، وعن الحسن وعكرمة، ثم قال: (وهذا مما لا ينسخ لأنه خبر ووعيد. انظر: الناسخ والمنسوخ 167).
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - في "م" غزوت بالتاء المفتوحة، وهو خطأ إملائي.
(8) - في "هـ" الهاء ساقطة من "فإنه".
(9) - ما بين حاجزين ساقطة من "هـ".
(10) - كما جاء ذلك في آية (118) من السورة نفسها.
(11) - رواه أبو داود والبيهقي في سننهما وفي إسنادهما نجدة بن نقيع وهو مجهول كما قال الحافظ في التقريب (356) وذكر السيوطي هذا الحديث في الدر المنثور 3/239، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ والحاكم، وابن مردويه..
(1/402)
فإن أولئك وجب عليهم النفير (1) حين استنفروا، وقد ذهب إلى إحكام الآيتين ومنع النسخ جماعة منهم ابن جرير (2) وأبو سليمان الدمشقي، وحكى القاضي أبو يعلى عن بعض العلماء أنهم قالوا: ليس هاهنا نسخ، ومتى لم يقاوم أهل الثغور العدو ففرض على الناس النفير إليهم، ومتى استغنوا عن "إعانة" (3) من وراءهم، عذر القاعدون عنهم (4).
ذكر الآية السادسة:
قوله تعالى: { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا } (5)
__________
(1) - في "م" اليقين، والذي أثبت عن "هـ" أنسب للمقام.
(2) - انظر ما قاله الطبري في إحكام الآية من جامع البيان 10/95.
(3) - في "هـ" إيمانه، وهو تحريف.
(4) - ذكر هذا القول بنصه المؤلف في زاد المسير 3/438، ورد دعوى النسخ بمثل ما رد به هنا، ولم يتعرض له في مختصر عمدة الراسخ أصلا.
(5) - الآية (41) من سورة التوبة.
(1/403)
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا "إسحاق" (1) بن أحمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: [قال] (2) في براءة { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا } وقال: { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } (3) فنسخ "هؤلاء" (4) الآيات، { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً } (5) وقال السدي نسخت بقوله: { لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى } (6) واعلم: أنه متى [حملت هذه] (7) الآية على ما حملنا "عليه التي قبلها" (8) لم يتوجه نسخ (9).
ذكر الآية السابعة:
قوله تعالى: { لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } (10)
__________
(1) - مكررة في "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - الآية (39) من سورة التوبة.
(4) - غير واضحة من "هـ".
(5) - الآية (122) من السورة نفسها والأثر ذكره النحاس عن ابن عباس بسند ضعيف في ناسخه 167 - 168، كما ذكره مكي بن أبي طالب عنه بدون إسناد في الإيضاح (273) والمؤلف في زاد المسير 3/442 عن ابن عباس من طريق عطاء.
(6) - الآية (91) من التوبة، وقد ذكر هذا القول السيوطي في الدر المنثور 3/246 وعزاه إلى أبي حاتم وأبي الشيخ عن السدي، وذكره المؤلف عنه في المصدر السابق.
(7) - ساقطة من "هـ".
(8) - غير واضحة من "هـ".
(9) - انظر إن شئت كلام القاضي أبو يعلى في مناقشة الآية السابقة. قلت: لم يتعرض لدعوى النسخ المؤلف في مختصر عمدة الراسخ في هذه الآية أصلا وإنما ذكره في زاد المسير 3/443 بدون رد ولا ترجيح.
(10) - الآية (44) من سورة التوبة.
(1/404)
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: بنا عمر بن عبيد الله، قال: بنا ابن بشران، قال: بنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا حجاج عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } نسختها { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ } (1).
__________
(1) - الآية (62) من سورة النور، والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/247 وعزاه إلى أبي عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه (فجعل الله النبي صلى الله عليه وسلم بأعلى النظرين في ذلك، من غزا غزا في فضيلة ومن قعد قعد من غير حرج إن شاء) وذكر قول النسخ عنه بآية (فإذا استأذنوك لبعض شأنهم) النحاس بسند ضعيف في ناسخه (168).
(1/405)
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا محمد بن أحمد (1) =قال:= (2) بنا علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي، عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } نسختها: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } (3) قلت: فالصحيح أنه ليس للنسخ هاهنا مدخل، لإمكان العمل بالآيتين وذلك [أنه] (4) إنما عاب على المنافقين أن يستأذنوه في العقود على الجهاد من غير عذر، وأجاز للمؤمنين الاستئذان لما يعرض لهم من حاجة وكان المنافقون إذا كانوا معه، فعرضت لهم حاجة، ذهبوا من غير استئذانه وإلى نحو هذا، ذهب أبو جعفر بن جرير (5) وأبو سليمان الدمشقي.
__________
(1) - في "هـ" كلمة "قيل" زيادة، ولعلها من الناسخ.
(2) - لا توجد في النسختين، ولعلها سقطت من النساخ.
(3) - أخرجه الطبري عن الحسن وعكرمة من طريق علي بن الحسين -وقد ضعفه النقاد- كما في الجرح والتعديل 6/176، وذكره النحاس في المصدر السابق ومكي ابن أبي طالب في الإيضاح 274.
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - انظر: كلام الطبري في جامع البيان 15/101، وقد رد المؤلف في زاد المسير 3/446 دعوى النسخ بكلام أبي سليمان الدمشقي المذكور هنا. قلت: أخرج ابن جرير في المصدر السابق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآيات محكمات وإنما هو تعيير وتوبيخ للمنافقين حين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في القعود عن الجهاد بغير عذر، وعذر الله المؤمنين فقال (فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم) وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/247 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس، في ناسخه، ولكن النحاس ذكر ذلك عن علي بن أبي طلحة ولم ينسبه إلى ابن عباس في ناسخه (168) وأورد قول الإحكام مكي بن أبي طالب أيضا عن ابن عباس في الإيضاح 274.
(1/406)
ذكر الآية الثامنة:
قوله تعالى: { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ "لا"(1) تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } (2) لفظ هذه الآية [لفظ الأمر] (3) وليس كذلك، وإنما المعنى: إن استغفرت لهم، وإن لم تستغفر لهم لا يغفر [الله] (4) لهم، فهو كقوله تعالى: { أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا } (5) فعلى هذه الآية محكمة، هذا قول المحققين وقد ذهب وقوم، إلى أن ظاهر اللفظ يعطي أنه [إن] (6) زاد على السبعين رجى لهم الغفران، ثم نسخت بقوله (7) { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } (8) فروى الضحاك عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { استغفر لهم أو لا [تستغفر لهم](9) } نسخت بقوله: { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } .
__________
(1) - في "م" أولى، وهو خطأ إملائي.
(2) - الآية (80) من سورة التوبة.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - الآية (53) من سورة التوبة.
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - في "هـ" تعالى.
(8) - الآية السادسة من المنافقين.
(9) - ساقطة من "هـ".
(1/407)
أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: أبنا أبو طاهر الباقلاوي قال: أبنا أبو علي بن شاذان قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن، قال: بنا [إبراهيم] (1) بن الحسين، قال: بنا آدم، قال: بنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: [لما نزلت] (2) { إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } (3) قال رسول الله صلى الله [عليه وسلم] (4) (سأزيد على سبعين مرة) فأنزل الله تعالى في سورة المنافقين لن يغفر الله لهم عزما (5) وقد حكى (6) أبو جعفر النحاس أن بعض العلماء، قال: فنسخت بقوله: { وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا } (7) قلت: والصحيح إحكام الآية على ما سبق (8).
ذكر الآية التاسعة:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - جزء من الآية (80) من سورة التوبة.
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - أصل الحديث رواه البخاري في كتاب التفسير من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وليس فيه ذكر نزول سورة المنافقين، وذلك زيادة عند ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقد أخرج نحو ما ساقه المؤلف، النحاس ومكي بن أبي طالب عن ابن عباس من طريق الضحاك، وفيه (لأزيدن على السبعين) وذكر الحافظ في الفتح نحوه عن قتادة من طريق عبد الرزاق. انظر: صحيح البخاري مع الفتح 9/406 - 407؛ وجامع البيان 10/138؛ والناسخ والمنسوخ (174)؛ والإيضاح (227).
(6) - في "هـ" عن أبي.
(7) - الآية (47) من سورة التوبة تجد نص كلام النحاس في ناسخه (174).
(8) - قلت هنا لم يتعرض المؤلف لدعوى النسخ في مختصر عمدة الراسخ أصلا وإنما نسبه في زاد المسير 3/477، إلى قوم، كما نسب القول المؤيد للإحكام إلى المحققين.
(1/408)
قوله تعالى: { مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ } (1) قد ذهب طائفة من المفسرين "إلى أن" (2) [هذه] (3) الآية اقتضت [أنه] (4) لا يجوز لأحد أن يتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا كان في أول الأمر ثم نسخ ذلك بقوله: { [وَ ]مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً } (5) قال أبو سليمان الدمشقي: لكل آية وجهها وليس للنسخ على إحدى الآيتين طريق وهذا هو الصحيح على ما بينا في الآية الخامسة (6).
(9)
__________
(1) - الآية (120) من سورةالتوبة.
(2) - في "هـ" كلمة "إلا" زيادة.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - هاء الضمير ساقطة من "هـ".
(5) - الآية (122) من سورة التوبة.
(6) - انظر مقالة المؤلف فيما تقدم من مناقشة الآية الخامسة. قال المؤلف في زاد المسير 3/515 - 516، (قال شيخنا علي بن عبيد الله: اختلف المفسرون في هذه الآية فقالت طائفة: كان في أول الأمر لا يجوز التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان الجهاد يلزم الكل، ثم نسخ ذلك بقوله: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة). وقالت طائفة: فرض الله تعالى على جميع المؤمنين في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ممن لا عذر له الخروج معه لشيئين: أحدهما: أنه من الواجب عليهم أن يقوه بأنفسهم. والثاني: أنه إذا أخرج الرسول فقد خرج الدين كله فأمروا بالتظاهر لئلا يقل العدد، وهذا الحكم باق إلى وقتنا فلو خرج أمير المؤمنين إلى الجهاد وجب على عامة المسلمين متابعته لما ذكرنا. فعلى هذا، الآية محكمة) انتهى، ثم ذكر كلام أبي سليمان المذكور هنا. أما أبو جعفر النحاس فأورد دعوى النسخ في هذه الآية عن ابن زيد ودعوى الإحكام عن ابن عباس والضحاك وقتادة، وكذا فعل مكي بن أبي طالب. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس 176؛ والإيضاح 276.
(1/409)
"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة يونس [عليه السلام]" (1)
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: { قُلْ إِنِّي أَخَافُ [إِنْ عَصَيْتُ] رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } (2) الكلام في هذه كالكلام في نظيرتها [في الأنعام] (3) وقد تكلمنا عليها هناك (4) ومقصود الآيتين تهديد المخالف، وأضيف إلى الرسول ليصعب الأمر فيه، وليس هاهنا نسخ، ويقوي ما قلنا، أن المراد بالمعصية هاهنا تبديل القرآن والتقول على الله تعالى وموافقة المشركين على ما هم عليهم، وهذا لا يدخل في قوله: { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ } (5) كيف وقد قال - عز وجل - { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ } (6) وقال: { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } (7) وقال: { إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ } (8) وإنما هذا وأمثاله (9) للمبالغة في بيان آثار المعاصي وليس من ضرورة ما علق بشرط أن يقع (10).
ذكر الآية الثانية:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - الآية (15) من سورة يونس، وما بين معقوفين منها ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ ".
(4) - لعله يقصد قول النسخ المذكور في آية (15) مما سبق من سورة الأنعام: حيث قال: زعم بعض المفسرين أنه كان يجب على الرسول أن يخاف عاقبة الذنوب، ثم نسخ ذلك بقوله (يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (الفتح: 2) ثم قال: إنما هو معلق بشرط، والصحيح أن الآيتين خبر وتهديد.
(5) - الآية الثانية من سورة الفتح.
(6) - الآية (44) من سورة الحاقة.
(7) - الآية (65) من سورة الزمر.
(8) - الآية (75) من سورة الإسراء.
(9) - في "هـ" ومثله بالإفراد.
(10) - أثبت المؤلف إحكام هذه الآية في كتابيه التفسير ومختصر عمدة الراسخ، وأما أمهات كتب النسخ، فقد أغفلت دعوى النسخ هنا لضعفها. انظر: زاد المسير 4/15؛ ومختصر عمدة الراسخ ورقة (8).
(1/410)
قوله تعالى: { وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ } (1) روى أبو صالح عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: نسختها آية السيف، وهذا بعيد من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه "لا يصح" (2) عن ابن عباس.
والثاني: أنه ليس بين الآيتين تنافي، والمنسوخ لا يصح اجتماعه مع الناسخ.
والثالث: أنه "لا يصح" (3) أن يدعي نسخ هذه الآية بل، إن قيل مفهومها منسوخ، ومفهمومها عندهم، فقل لي عملي، واقتصر على ذلك ولا تقاتلهم، وليس الأمر كذلك إنما معنى الآية: "لي جزاء عملي" (4) فإن كنت كاذبا فوباله علي، ولكم جزاء عملكم [في تكذيبكم لي، وفائدة] (5) هذا أنه لا يجازي أحد إلا بعمله ولا يؤخذ بجرم غيره. وهذا لا يمنع من قتالهم وهو أقرب إلى ما يفهم منها فلا وجه للنسخ (6).
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ } (7) [زعم] (8) بعضهم: أنها منسوخة بآية السيف، فكأنه ظن أن معناها أترك قتالهم، فربما رأيت بعض الذي نعدهم، وليس هذا شيء (9).
ذكر الآية الرابعة:
__________
(1) - الآية (41) من سورة يونس.
(2) - في "هـ" يصلح وهو تحريف .
(3) - غير واضحة من "هـ".
(4) - غير واضحة من "هـ".
(5) - غير واضحة من "هـ".
(6) - ذكر دعوى النسخ هنا بآية السيف مكي بن أبي طالب ص281 من الإيضاح، وردها المؤلف في تفسيره 4/34، ولم يتعرض لها في مختصر عمدة الراسخ أصلا.
(7) - الآية (46) من سورة يونس.
(8) - ساقطة من "هـ".
(9) - ذكر دعوى النسخ هنا هبة الله في ناسخه 54، بدون أن يستند إلى دليل. وسكت عنه المؤلف في زاد المسير وفي مختصر عمدة الراسخ، كما أعرض عن قول النسخ هنا أصحاب أمهات كتب النسخ لشدة ضعف هذا القول.
(1/411)
قوله تعالى: { [أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى] يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } (1) زعم قوم منهم مقاتل بن سليمان [أنها منسوخة بآية السيف] (2) والصحيح أنها محكمة وبيان ذلك أن الإيمان لا يصح [مع الإكراه] (3) لأنه "من أعمال القلب" (4) وإنما يتصور الإكراه على النطق لا على العقد (5)
ذكر الآية الخامسة:
قوله تعالى: { فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } (6) روى أبو صالح عن ابن عباس = رضي الله عنهما = قال: هذه الآية منسوخة بآية القتال وهذا لا يصح عن ابن عباس، وقد بينا أنه لا يتوجه النسخ في "مثل" (7) هذه الأشياء (8) لأن معنى الآية: ما أنا بوكيل في منعكم من اعتقاد الباطل، وحافظ لكم من الهلاك إذا لم "تعملوا" (9) أنتم لأنفسكم ما يخلصها. (10)
ذكر الآية السادسة:
__________
(1) - الآية 99 من سورة يونس، وما بين معقوفين منها ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - غير واضحة من "هـ".
(5) - ادعى النسخ هنا ابن سلامة في المصدر السابق وأورده المؤلف في زاد المسير 4/67 ومختصر عمدة الراسخ ورقة 8 ثم رده بمثل ما رد به هنا، ولم يتعرض لدعوى النسخ هنا معظم من ألف في النسخ.
(6) - الآية (108) من سورة الإسراء.
(7) - غير واضحة من "هـ".
(8) - انظر مثلا فيما سبق مناقشة الآية (66) و (107) من سورة الأنعام.
(9) - في "هـ" تعلموا.
(10) - في "هـ" كلمة "يقوله" زيادة، ولعلها من الناسخ. قلت: أورد دعوى النسخ هنا ابن حزم في ناسخه 341، وابن سلامة في ناسخه (54) وابن هلال في ناسخه المخطوط (27) ولم يتعرض له الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب وأما المؤلف فقام برد هذا القول في زاد المسير 4/71 ومختصر عمدة الراسخ ورقة 8.
(1/412)
قوله تعالى: { وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ } (1) روى أبو صالح عن ابن عباس = رضي الله عنهما = قال: هذه الآية منسوخة بآية القتال، وهذا لا يثبت عن ابن عباس ثم إن الأمر بالصبر ها هنا مذكور إلى غاية، وما بعد "الغاية" (2) يخالف ما قبلها وقد شرحنا هذا المعنى في البقرة عند قوله: { فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ } (3) فلا وجه للنسخ في شيء من هذه الآيات (4).
(10)
"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة هود"
ذكر الآية الأولى:
[قوله تعالى] (5) { إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } (6) قال بعض [المفسرين: معنى] (7) هذه الآية اقتصر على إنذارهم من غير قتال ثم نسخ ذلك بآية السيف (8) والتحقيق أن يقال: "أنها محكمة" (9) لأن المحققين قالوا: معناها: إنما عليك أن تنذرهم بالوحي لا أن تأتيهم بمقترحهم من الآيات، والوكيل: الشهيد (10).
ذكر الآية الثانية:
__________
(1) - الآية (109) من سورة يونس.
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - الآية (109) من سورة يونس. انظر: إن شئت مناقشة الآية المذكورة.
(4) - قلت: نقل دعوى النسخ هنا النحاس في ناسخه 179، عن ابن زيد، كما ذكره عنه مكي بن أبي طالب في الإيضاح (281)، أما المؤلف فقد رد قول النسخ وصحح الإحكام في زاد المسير 4/ (71) ومختصر عمدة الراسخ ورقة (8).
(5) - ساقطة من"هـ".
(6) - الآية (12) من سورة هود.
(7) - ساقطة من "هـ".
(8) - ذكره هبة الله في ناسخه ص55.
(9) - في "هـ" هي محكمة.
(10) - فسر بذلك المؤلف في زاد المسير 4/82، ورد دعوى النسخ في مختصر عمدة الراسخ ورقة (8) قلت: لم يتعرض لدعوى النسخ في هذه الآية أصحاب أمهات كتب النسخ.
(1/413)
قوله تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } (1) زعم قوم منهم مقاتل بن سليمان أن هذه الآية اقتضت أن من أراد الدنيا بعمله أعطي فيها ثواب عمله من الرزق والخير، ثم نسخ ذلك بقوله: { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ } (2) وهذا القول ليس بصحيح، لأن الآيتين خبر، وهذه الآية نظيرة "قوله" (3) في آل عمران { وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } (4) وقد شرحناها هناك.
ذكر الآية الثالثة والرابعة:
قوله تعالى: { وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ } (5) قال: بعض المفسرين هاتان الآيتان اقتضتا تركهم على أعمالهم، والاقتناع بإنذارهم، ثم نسختا بآية السيف (6).
__________
(1) - الآية (15) من سورة هود.
(2) - الآية (18) من سورة الإسراء. ذكر قول النسخ النحاس في ناسخه 177 بسند ضعيف، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (272) بدون سند، عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما، ثم قال النحاس: (محال أن يكون هاهنا نسخ، لأنه خبر) وبه قال مكي عن أكثر الناس.
(3) - في "هـ" في قوله.
(4) - الآية (146) من آل عمران، قلت: وقد أورد المؤلف في زاد المسير 4/83 وفي مختصر عمدة الراسخ دعوى النسخ هنا، عن مقاتل، ثم قال في التفسير: وهذا لا يصح لأنه لا يوفي إلا من يريد، وقال في المختصر: لأن الآيتين خبر.
(5) - الآيتان (121- 122) من سورة هود .
(6) - عد هذه الآية ابن حزم في معرفة الناسخ والمنسوخ المطبوع على هامش التفسير المنسوب إلى ابن عباس (342) وهبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ ص55، وبركات بن هلال، في الإيجاز في الناسخ والمنسوخ، المخطوط ورقة (27) ولم يستندوا كعادتهم إلى أي دليل نقلي أوعقلي.
(1/414)
وقال المحققون: هذا تهديد ووعيد، معناه: [اعملوا] (1) ما أنتم عاملون فستعلمون عاقبة أمركم، وانتظروا ما يعدكم الشيطان، إنا منتظرون ما يعدنا ربنا وهذا "لا ينافي" (2) قتالهم فلا وجه للنسخ (3).
(11)
"باب ذكر الآيات اللتي" (4) "ادعي عليهن النسخ في سورة الرعد"
ذكر الآية الأولى:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - لم يتعرض لدعوى النسخ هنا، أبو جعفر الطبري ولا النحاس ولا مكي بن أبي طالب فأما المؤلف فقد أورد في كتابيه، ورد قول النسخ بمثل ما رد به هنا. انظر: زاد المسير 4/174؛ ومختصر عمدة الراسخ ورقة (9).
(4) - في "هـ" اللواتي.
(1/415)
قوله تعالى: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ } (1) قد توهم بعض المفسرين أن هذه الآية منسوخة، لأنه قال: المراد بالظلم هاهنا الشرك ثم نسخت بقوله: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } (2) وهذا التوهم فاسد، لأن الظلم] (3) عام، وتخصيصه بالشرك هاهنا - يحتاج إلى دليل، [ثم إن كان المراد به الشرك] (4) فلا يخلو الكلام من أمرين: إما أن يراد به [التجاوز عن تعجيل عقابهم] (5) في الدنيا، أو الغفران لهم "إذا رجعوا عنه، وليس في الآية ما يدل على أنه يغفر" (6) للمشركين إذا ماتوا على الشرك (7).
ذكر الآية الثانية:
__________
(1) - الآية (6) من سورة الرعد.
(2) - الآية (48) من سورة النساء.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - غير واضحة من "هـ".
(7) - قلت: أعرض عن دعوى النسخ في هذه الآية النحاس، ومكي بن أبي طالب، أما ابن حزم في ناسخه 342، وابن سلامة في ناسخه (57) فقد عداها مما اختلف في نسخها وقال ابن سلامة عن السدي: إنما هو إخبار من الله تعالى، وتعطف على خلقه وأما ابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (27) فقد نقل عن مجاهد أنها محكمة وعن الضحاك أنها منسوخة، وأما المؤلف ابن الجوزي فلم يتعرض لها في مختصر عمدة الراسخ أصلا إنما ذكر النسخ فيها عن بعض المفسرين في زاد المسير ثم قال: والمحققون على أنها محكمة.
(1/416)
قوله تعالى: { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } (1) روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= أن قوله: { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ } نسخ بآية السيف وفرض الجهاد، وكذلك قال: قتادة (2) وعلى ما سبق تحقيقه في مواضع من أنه ليس عليك أن تأتيهم (3) بما يقترحون من الآيات إنما عليك أن تبلغ (4) تكون محكمة ولا يكون بينها وبين آية السيف منافات (5).
(12)
"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة الحجر"
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: { ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } (6) قد زعم كثير من المفسرين: أنها منسوخة بآية السيف (7) والتحقيق أنها وعيد وتهديد، وذلك لا ينافي قتالهم فلا وجه للنسخ (8).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } (9)
__________
(1) - الآية (40) من سورة الرعد.
(2) - ذكر النسخ هنا، هبة الله، وابن هلال، في المصدرين السابقين.
(3) - في "هـ" يأتيهم، بالياء التحتانية، وهو خطأ.
(4) - انظر مثلا مما سبق مناقشة الآية (12) من سورة هود.
(5) - قلت: ذكر نحو هذا الكلام المؤلف في مختصر عمدة الراسخ ورقة (9) ونقل دعوى النسخ في زاد المسير 4/339، عمن نقله هنا، ولم يعدها من المنسوخة الإمام الطبري والإمام النحاس ومكي بن أبي طالب.
(6) - الآية الثاثة من سورة الحجر.
(7) - عد هذه الآية من المنسوخة ابن حزم الأنصاري في ناسخه 243، وابن سلامة في ناسخه (58) وابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (27).
(8) - قلت: أعرض النحاس ومكي بن أبي طالب عن ذكر النسخ في هذه الآية، وقد ذكره المؤلف في زاد المسير 4/383، وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (9) فرده بمثل ما رد به هنا.
(9) - الآية (85) من سورة الحجر.
(1/417)
أخبرنا ابن المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش [قال: أبنا البرمكي] (1) قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس، قال: أبنا [أبو بكر] (2) بن أبي داود، قال: بنا عبد الله بن سعيد، قال: بنا عقبة، عن [إسرائيل] (3) عن جابر عن مجاهد، وعكرمة { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } قال: هذا قبل القتال (4) قال أبو بكر: وبنا موسى بن هارون، قال: بنا الحسين، قال: بنا شيبان عن قتادة { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } قال: نسخ هذا بعد، فقال: { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } (5)
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - أخرجه الطبري عن مجاهد من طريق إسرائيل، في جامع البيان 14/35، وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/104 معزيا إلى ابن أبي حاتم عن عكرمة، وفيه هذا قبل القتال.
(5) - الآية (191) من البقرة (91) من النساء. قلت: أخرج قول النسخ عن قتادة ابن جرير الطبري في المصدر السابق، كما ذكره النحاس في ناسخه 179، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (285) عن سعيد عن قتادة، وذكر النسخ أيضا المؤلف في زاد المسير 4/412، ومختصر عمدة الراسخ ورقة (9) لكن هؤلاء لم يناقشوا قضية النسخ كأن وقوع النسخ هنا مسلم لديهم. ويقول ابن كثير: بعد عزو قول النسخ إلى مجاهد وقتادة: (وهو كما قالا: فإن هذه مكية، والقتال إنما شرع بعد الهجرة). انتهى، من تفسير القرآن العظيم 2/556. وأما القرطبي فيقول في تفسيره 10/54 بعد إيراد دعوى النسخ عن قتادة وعكرمة ومجاهد: (قيل: ليس بمنسوخ وأنه أمر بالصفح في حق نفسه فيما بينه وبينهم والصفح الإعراض عن الحسن وغيره). ويقول الخازن في تفسيره 3/101 بعد إيراد قول النسخ: (قيل: فيه بعد لأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يظهر الخلق الحسن، وأن يعاملهم بالعفو والصفح الخالي من الجزع والخوف، يعني: ولو كان الصفح منطويا على حقد لما كان الصفح جميلا).. ويقول الشيخ مصطفى زيد في كتابه النسخ في القرآن الكريم 2/537 وهو يرد دعوى النسخ في هذه الآية (ونحن لا نرى تلازما بين كون هذه الآية مكية وكونها منسوخة، فما ذهب إليه ابن كثير من قبوله دعوى النسخ، اعتمادا على مكية الآية، ومشروعية القتال بعد الهجرة - ليس صحيحا ولا لازما عندنا، وبخاصة أن الله عز وجل توعدهم - على أنه قد وقع منهم ما يقتضي الصفح عنهم - بعذابه في الآخرة فإن يكن بد من الربط بين الأمر بالصفح عنهم والأمر بقتالهم - فإن الأمر بالصفح أناء للقتال فلا ينافيه وهذا حسم وإبطال لدعوى النسخ لا سبيل للاعتراض عليه).
(1/418)
.
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ } (1) قد زعم قوم: أن هذا كان قبل أن يؤمر بقتالهم ثم نسخ بآية السيف (2) وهذا ليس بشيء، لأن المعنى، لا تحزن عليهم إن لم يؤمنوا، وقيل: لا تحزن بما أنعمت عليهم في الدنيا، ولا وجه للنسخ، وكذلك قال: أبو الوفاء ابن عقيل، قد ذهب بعضهم إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف وليس بصحيح (3).
ذكر الآية الرابعة:
قوله تعالى { وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ } (4) زعم بعضهم أن معناها نسخ بآية السيف (5) لأن المعنى عنده: اقتصر على الإنذار، وهذا خيال فاسد، لأنه ليس في الآية ما يتضمن هذا، ثم هي خبر فلا وجه للنسخ (6).
ذكر الآية الخامسة:
قوله تعالى { وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } (7)
__________
(1) - الآية (88) من سورة الحجر.
(2) - ذكره ابن حزم في ناسخه (343) وابن سلامة في ناسخه (58) وابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (27).
(3) - قلت: لم يذكر الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب والمؤلف في تفسيره ولا في مختصر عمدة الراسخ، دعوى النسخ في هذه الآية إذ لم يعتبروا هذا القول الضعيف جديرا بالذكر.
(4) - الآية (89) من سورة الحجر.
(5) - قال ابن حزم نسخ معناها ولفظها بآية السيف وقال ابن سلامة نسخ معناها لا لفظها. انظر: المصدرين السابقين.
(6) - قلت: لم يعدها المؤلف في مختصر عمدة الراسخ من المنسوخة وقد ذكرها في تفسيره 4/416 بدون رد ولا تعليق، وأعرض عن ذكره النحاس ومكي بن أبي طالب في ناسخيهما.
(7) - الآية (94) من سورة الحجر.
(1/419)
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد بن محمد، قال: حدثت عن "معاوية بن" (1) صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } قال نسختها { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (2).
أخبرنا المبارك بن علي، قال: بنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي عن الحسين بن الحسن بن عطية عن أبيه عن عطية عن ابن عباس = رضي الله عنهما = وأعرض عن المشركين، قال: هذا من المنسوخ (3).
(13)
"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة النحل"
ذكر الآية الأولى:
__________
(1) - غير واضحة من "هـ".
(2) - الآية الخامسة من سورة التوبة، ذكر هذا القول النحاس وأبو محمد مكي بن أبي طالب بدون إسناد، عن علي عن ابن عباس، وذكره السيوطي في الدر المنثور معزيا إلى أبي داود في ناسخه، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. انظر: الناسخ والمنسوخ 179؛ والإيضاح 285؛ والدر المنثور 4/106.
(3) - أخرجه الطبري بهذا الإسناد الذي هو مسلسل بالضعفاء عن ابن عباس، وقد نسب المؤلف دعوى النسخ إلى أكثر المفسرين ولم يبد رأيه فيه، والذي يظهر أن المؤلف يميل إلى القائلين بالنسخ في الآيات التي ورد فيها الإعراض عن المشركين، حيث لا يناقش الآية ولا يعترض. انظر: مناقشة الآيات مما سبق (63) و(81) من سورة النساء و(42) من المائدة، و(106) من الأنعام، ولكنه يقول في آية النجم (29) (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا): زعموا أنها منسوخة، ولم يظهر مذهبه، أيضا. ولكن الظاهر من كلمة زعم عدم القبول، والله أعلم.
(1/420)
قوله تعالى: { وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } (1) اختلف المفسرون بالمراد بالسكر على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الخمر: قاله ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس =رضي الله عنهم=.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا أبو الفضل البقال، قال: أبنا أبو الحسن بن بشران، قال: أبنا إسحاق الكاذي، قال: بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثني حجاج عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } قال: النبيذ فنسختها: { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ } (2) الآية.
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا حفص بن عمر، قال: بنا شعبة عن مغيرة عن إبراهيم، والشعبي، وأبي رزين (3) أنهم قالوا { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } (4) "قالوا" (5) هذه منسوخة (6).
__________
(1) - الآية (67) من سورة النحل.
(2) - الآية (90) من سورة المائدة، والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/122 وعزاه إلى أبي داود في ناسخه، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(3) - أما أبو رزين: فهو مسعود بن مالك، أبو رزين الأسدي الكوفي ثقة فاضل من الثانية مات سنة 85هـ، وهوغير أبي رزين الذي قتله عبيد الله بن زياد بالبصرة، ووهم من خلطهما. انظر: تقريب التهذيب (334).
(4) - الآية (67) من سورة النحل.
(5) - في "هـ" قال: بالأفراد. وهو خطأ.
(6) - أخرجه الطبري في جامع البيان 14/91 عن إبراهيم، والشعبي وأبي رزين من طريق مغيرة.
(1/421)
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: أبنا إبراهيم بن عمر، قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا عبد الله بن الصباح، قال: بنا أبو علي الحنفي، قال: بنا "اسرائيل" (1) عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير في قوله: { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } قال: الخمر (2)
__________
(1) - غير واضحة في "هـ".
(2) - ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/122، وعزاه إلى ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير، وأخرجه الطبري عن إبراهيم من طريق الهيثم في جامع البيان 14/92.
(1/422)
أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: أبنا أبو طاهر الباقلاوي، قال: أبنا أبو علي بن شاذان، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن [قال: بنا إبراهيم بن الحسين] (1) قال: بنا آدم، قال: بنا [ورقاء] (2) عن ابن أبي نجيح عن مجاهد { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } قال: السكر: الخمر قبل تحريمها، وهذا قول الحسن (3) وابن أبي ليلى والزجاج، وابن قتيبة (4) ومذهب أهل هذا القول أن هذه الآية نزلت "إذ كانت" (5) الخمر مباحة ثم نسخت بقوله: { فَاجْتَنِبُوهُ } (6) "ومن صرح" (7) بأنها منسوخة سعيد بن جبير، ومجاهد، والشعبي، وقتادة، والنخعي (8) ويمكن أن يقال على هذا القول ليست بمنسوخة، ويكون المعنى: أنه خلق لكم هذه الثمار لتنتفعوا بها على وجه مباح، فاتخذتم أنتم منها ما هو محرم عليكم، "ويؤكد هذا" (9) أنها خبر والأخبار لا تنسخ - وقد ذكر نحو هذا المعنى الذي ذكرته "أبو الوفاء" (10) ابن عقيل فإنه قال: ليس في الآية ما يقتضي إباحة السكر، إنما هي معاتبة وتوبيخ.
والقول الثاني: أن السكر الخل بلغة الحبشة روى عن ابن عباس =رضي الله عنهما=.
__________
(1) - ساقطة من "م".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - أخرج الطبري نحو هذا المعنى عن مجاهد من عدة طرق، وعن الحسن من طريقين في جامع البيان 14/91.
(4) - أورد المؤلف في زاد المسير 4/464، عن هؤلاء جميعا بأن معنى السكر الخمر.
(5) - في "هـ" إذا كانت، وهو خطأ.
(6) - الآية (90) من سورة المائدة.
(7) - غير واضحة من "هـ".
(8) - ذكر النسخ النحاس في ناسخه (180) عن هؤلاء وعن أبي رزين، ثم رد عليهم بقوله: (وهو خبر، والأخبار لا تنسخ) وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 4/122، قول النسخ، معزيا إلى عبد الرزاق وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة، وإلى ابن الأنباري والبيهقي عن إبراهيم النخعي والشعبي.
(9) - غير واضحة من "هـ".
(10) - في "م" أبو الوفى وهو خطأ إملائي.
(1/423)
وأخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: أبنا إبراهيم بن عمر، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي عن الحسين بن الحسن بن عطية، عن أبيه عن عطية - قال: قال ابن عمر: إن الحبشة يسمون الخل [السكر] (1) وقال الضحاك هو الخل بلسان اليمن (2)
والثالث: أن السكر "الطعم، يقال هذا له سكر" (3) أي طعم (4) وأنشدوا: جعلت "عنب الأكرمين سكرا" (5).
قاله: أبو عبيدة، فعلى هذين القولين الآية محكمة (6).
ذكر الآية الثانية:
__________
(1) - ذكر هذا المعنى بهذا الإسناد الضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما في جامع البيان 14/92 كما ذكره المؤلف في زاد المسير 4/464، عن طريق العوفي عن ابن عباس، وكلمة السكر ساقطة من "هـ".
(2) - قاله المؤلف في المصدر السابق عن الضحاك.
(3) - غير واضحة من "هـ".
(4) - ذكر هذا المعنى النحاس في ناسخه (180) وابن العربي في أحكام القرآن 3/1153، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (288) عن أبي عبيدة.
(5) - تجد هذا الشعر في جامع البيان 14/92 والقرطبي 10/129 وقائل هذا البيت هو جندل بن مثنى الطهوري، وفي رواية عرض الأكرمين.
(6) - قلت: سلك المؤلف في زاد المسير 4/464 - 465، وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (9) مسلكه هنا مناقشة وترجيحا. كما ذهب الطبري والنحاس في المصدرين السابقين إلى إحكام الآية، وقال الطبري: (الآية محكمة غير منسوخة، وأن أولى الأقوال المؤيدة لذلك، قول من قال: بأن السكر هو كل ما كان حلالا شربه، كالنبيذ الحلال، والخل الرطب والرزق الحسن والتمر والزبيب)، روى ذلك بإسناده عن مجاهد، وعامر، ومجالد، والشعبي.
(1/424)
قوله تعالى: { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ } (1) قال كثير من المفسرين: إنها منسوخة بآية السيف، وقد بينا في نظائرها أنه لا حاجة بنا إلى "ادعاء" (2) النسخ في مثل هذه (3).
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (4) اختلف "المفسرون" (5) في هذه الآية على أربعة أقوال:
أحدها: أن المعنى جادلهم بالقرآن.
والثاني: بلا إله إلا الله، والقولان عن ابن عباس] (6) رضي الله عنهما.
والثالث: أعرض عن أذاهم إياك.
أخبرنا عبد الوهاب [الأنماطي قال: أبنا] (7) أبو طاهر، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن، [قال: أبنا] (8) إبراهيم الحسين، قال: أبنا آدم، قال: بنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن "مجاهد" (9) { وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (10) قال: يقول أعرض عن أذاهم إياك (11).
__________
(1) - الآية (82) من النحل.
(2) - في "هـ" ادعى، وهو خطأ إملائي.
(3) - انظر مثلا فيما سبق شرح الآيات (20) آل عمران، و (99) منها في "هـ" (مثل هذا).
(4) - الآية (125) من النحل.
(5) - في "م" المفسرين، وهو خطأ من الناسخ.
(6) - ما بين معقوفين ساقطة من "هـ"، وقد ذكر المؤلف هذين القولين عن ابن عباس رضي الله عنهما في زاد المسير 4/506.
(7) - ساقطة من "هـ".
(8) - ساقطة من "هـ".
(9) - الآية (125) من النحل.
(10) - غير واضحة من "هـ".
(11) - أخرجه الطبري في جامع البيان عن مجاهد، وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/135 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه.
(1/425)
والرابع: جادلهم غير فظ ولا غليظ و"ألن" (1) لهم جانبك، قاله الزجاج (2). وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف (3) وفيه بعد، لأن المجادلة لا تنافي القتال، ولم يقل له، اقتصر على جدالهم، فيكون المعنى جادلهم فإن أبوا فالسيف فلا يتوجه نسخ (4).
ذكر الآية الرابعة:
قوله تعالى: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } (5) للمفسرين في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنها "نزلت" (6) قبل براءة، [فأ] (7) مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان يقاتل من قاتله، ولا يبدأ بالقتال، ثم نسخ ذلك وأمر بالجهاد. قاله ابن عباس والضحاك.
__________
(1) - في "هـ" الز، بالزاء وهو تحريف.
(2) - أورد المؤلف هذا الرأي في زاد المسير 4/506 عن الزجاج.
(3) - ذكر النحاس دعوى النسخ في ناسخه (180) دون أن يدعم قوله بأي دليل عقلي أو نقلي.
(4) - في "هـ" النسخ، بال. قلت: ذكر دعوى النسخ المؤلف في المصدر السابق وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (9) ثم رده بمثل ما رد به هنا. وأما مكي بن أبي طالب في الإيضاح 291 فيقول بعد ذكر قول النسخ: (وهذا لا يجوز نسخه لأنه انتهاء إلى ما أمر الله به، والكف عما نهى الله عنه، فالآية محكمة).
(5) - الآية (126) من النحل، في "هـ" وإن صبرتم، وهو خطأ من الناسخ.
(6) - في "هـ" ليست وهو تحريف ظاهر.
(7) - الفاء ساقطة من "هـ".
(1/426)
أخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا: أبنا أبو علي [بن] (1) شاذان، قال: أبنا أحمد بن كامل، قال: [حدثني] (2) محمد بن سعد، قال حدثني أبي قال: حدثني عمي عن أبيه [عن جده] (3) عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } (4) فقال: أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقاتل من قاتله، ثم نزلت براءة، فهذا من المنسوخ، فعلى هذا القول، يكون المعنى: ولئن صبرتم عن القتال، ثم نسخ هذا بقوله: { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (5)
والثاني: أنها محكمة، وأنها نزلت: فيمن ظلم ظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر "مما نال الظلم منه" (6) قاله الشعبي، والنخعي وابن سيرين، والثوري.
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - في "هـ " "فعوقبوا"، وهو خطأ من الناسخ.
(5) - الآية الخامسة من التوبة، وقد أخرج هذا الأثر ابن جرير الطبري في جامع البيان 14/132، عن ابن عباس من طريق العوفي وهو إسناد مسلسل بالضعفاء.
(6) - في "هـ" مما طال الظالم منه، وهو تحريف.
(1/427)
أخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو طاهر، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين، قال: بنا آدم [قال] (1) بنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } يقول: لا تعتدوا يعني: محمدا وأصحابه (2) [وعلى] (3) هذا القول يكون المعنى ولئن صبرتم على المثلة لا عن (4) القتال. وهذا أصح من القول الأول (5).
ذكر الآية الخامسة:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - أخرجه الطبري في جامع البيان 14/132- 133، عن مجاهد وابن سيرين وإبراهيم النخعي، كما ذكره المؤلف في تفسير عمن ذكر عنهم هنا. انظر: زاد المسير 4/508.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - في "هـ" على، والذي أثبت عن تفسيره أنسب.
(5) - أورد المؤلف رأيين في كتابيه التفسير ومختصر عمدة الراسخ بدون ترجيح في هذه الآية ولم يعدها من المنسوخة النحاس، ولا مكي بن أبي طالب.
(1/428)
قوله تعالى: { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } (1) هذه الآية متعلقة بالتي قبلها فحكمها [حكمها] (2) وقد زعم بعض المفسرين أن الصبر هاهنا منسوخ بآية السيف (3).
(14)
"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة بني إسرائيل"
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: { وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } (4) قد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الدعاء المطلق نسخ منه الدعاء للوالدين المشركين، وروى نحو هذا عن ابن عباس =رضي الله عنهما= والحسن وعكرمة (5) ومقاتل.
__________
(1) - الآية (127) من النحل.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساق ابن كثير في تفسيره حديثا - وهو يفسر هذه الآية - يشير به إلى أن هذا الصبر على الانتقام من قريش يوم الفتح، وهو صبر الناصر الفاتح، والحديث مروي عن الإمام أحمد في مسنده عن أبي بن كعب، قال: لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون رجلا ومن المهاجرين ستة فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنمثلن بهم، فلما كان يوم الفتح، قال: رجل: لا تعرف قريش بعد هذا اليوم، فنادى مناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمن الأسود والأبيض إلا فلانا وفلانا - ناسا سماهم - فأنزل الله تبارك وتعالى (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) إلى آخر السورة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نصبر ولا نعافب"، وقد ذكر المؤلف هذا الحديث من أسباب نزول هذه الآية في تفسيره مختصرا. انظر: تفسير القرآن العظيم 2/592؛ وزاد المسير 4/507.
(4) - الآية (24) من سورة الإسراء.
(5) - الواو ساقطة من "هـ".
(1/429)
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: أبنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن [قهزاذ] (1) قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد، قال: حدثني أبي عن يزيد النحوي [عن عكرمة] (2) عن ابن عباس =رضي الله عنهما= "في" (3) قوله { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ } إلى قوله { كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } نسختها { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ } (4).
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - في "م" وقوله، وهو تحريف.
(4) - الآية (113) من سورة التوبة، وهذا الأثر، رواه البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس رضي الله عنهما في باب لا يستغفر لأبيه المشرك، كما رواه الطبري أيضا عن عكرمة من طريق علي بن الحسن بن واقد، انظر: الأدب المفرد 1/80 رقم (80)؛ وجامع البيان 15/50.
(1/430)
قال أبو بكر: وبنا محمد بن "سعد" (1) قال: حدثني أبي "عن الحسين بن الحسن" (2) بن عطية عن عطية [عن ابن] (3) عباس =رضي الله عنهما= { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ } إلى قوله (صغيرا) فنسخها { "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ" وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ } (4) قال: أبو بكر: وبنا [أحمد بن] (5) يحيى بن مالك، قال: بنا عبد الوهاب، عن سعيد عن قتادة نحوه (6).
__________
(1) - في "هـ" سعيد، وهو خطأ كما قدمنا في ترجمة محمد بن سعد عند ذكر آية (180) من البقرة.
(2) - في "هـ" تقديم وتأخير، ولعله من الناسخ.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - الآية (113) من التوبة، والأثر أخرجه الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في جامع البيان 15/50.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - أخرجه النحاس عن قتادة في ناسخه (181) وقد أورد النحاس هذا القول عن قتادة بأسلوب يوحي بإحكام الآية، حيث قال: (والآية مستثنى منها الكفار) فذكر قول قتادة.
(1/431)
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: أبنا أحمد بن محمد، قال: بنا عبد الله بن عثمان، عن عيسى بن عبيد الله عن عبيد الله مولى عمر، "عن" الضحاك { وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } نسخ منها بالآية التي "في" (1) براءة، { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ } (2) قلت: وهذا ليس بنسخ عند الفقهاء إنما هو عام دخله التخصيص وإلى نحو "ما" (3) قلته ذهب ابن جرير الطبري (4).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا } (5) للمفسرين في معنى الوكيل ثلاثة أقوال:
أحدها: كفيلا "تؤخذ بهم" قاله ابن عباس (6) =رضي الله عنهما=.
والثاني: حافظا وربا، قاله الفراء (7).
__________
(1) - في "هـ" ابن، بدل، عن وهو تحريف من الناسخ.
(2) - الآية 113 من التوبة، وقد ذكر المؤلف في زاد المسير 5/26 هذا القول عن ابن عباس والحسن، وعكرمة ومقاتل.
(3) - في "هـ" مكررة.
(4) - تجد كلام الطبري في جامع الببان 15/50 قلت: وللمؤلف كلام شبيه بهذا في المصدر السابق ردا وتوجيها، وكذا في مختصر عمدة الراسخ الورقة (9)، وبالإحكام قال مكي بن أبي طالب في الإيضاح 293.
(5) - الآية (54) من سورة الإسراء.
(6) - في "هـ" توخذه ولعله خطأ من الناسخ وقد، ذكر هذا القول المصنف في زاد المسير 5/48 عن أبي صالح عن ابن عباس.
(7) - ذكره المؤلف أيضا في نفس المصدر عن الفراء. وأما الفراء: فهو إبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي أبو إسحاق الرازي، يلقب بالصغير ثقة حافظ من العاشرة، مات بعد العشرين وماثتين. انظر: التقريب 23 - 24.
(1/432)
والثالث: كفيلا بهدايتهم وقادرا على إصلاح قلوبهم [ذكره] (1) ابن الأنباري، وعلى هذا الآية محكمة، وقد زعم بعضهم: أنها منسوخة [بآية السيف] (2) وليس بصحيح، وقد تكلمنا على نظائرها فيما سبق (3).
ذكر الآية الثالثة:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ"، ذكر هذا القول ابن حزم في ناسخه 345، وابن سلامة في ناسخه (64).
(3) - انظر مثلا مما تقدم مناقشة الآيات (66 -107) من سورة الأنعام، و (108) من سورة يونس.
(1/433)
قوله تعالى: { وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (1) قد زعم من قل فهمه، من نقلة التفسير أن هذه الآية لما نزلت امتنع الناس من [مخالطة] (2) اليتامى فنزلت: { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ } (3) وهذا يدل على جهل قائله بالتفسير ومعاني القرآن أيراه يجوز قرب مال اليتيم بغير التي هي أحسن حتى يتصور نسخ وإنما المنقول عن ابن عباس =رضي الله عنهما= وغيره من المفسرين أنهم كانوا يخلطون طعامهم بطعام اليتامى، فلما نزلت هذه الآية عزلوا طعامهم عن طعامهم، وكان يفضل الشيء فيفسد، فنزل قوله: { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ } (4) فأما أن تدعي نسخ فكلا... (5).
ذكر الآية الرابعة:
__________
(1) - الآية (34) من سورة الإسراء قلت: وكان من المفروض أن يقدم هذه الآية على التي قبلها، كي تكون مرتبة الأرقام حسبما التزم المؤلف في مقدمة الكتاب.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - الآية (220) من سورة البقرة.
(4) - الآية (220) من سورة البقرة.
(5) - انظر إن شئت ما ذكره المؤلف في تفسير آية (152) من سورة الأنعام من زاد المسير، عن مال اليتيم. وأما دعوى النسخ في هذه الآية فقد أعرض عنه المؤلف في تفسيره، ومختصر عمدة الراسخ، وذكر النحاس ما يشير إلى النسخ عن قتادة، كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب عن مجاهد، ثم قال: والذي يوجبه النظم وعليه جماعة من العلماء، أنه غير منسوخ، لأنه قال تعالى: (إلا بالتي هي أحسن) ففي هذا جواز مخالطتهم بالتي هي أحسن وهو قوله: (والله يعلم المفسد من المصلح) (220) البقرة، فكلا الآيتين يجوز مخالطة اليتيم، فلا يجوز أن تنسخ أحدهما الأخرى، لأنهما في معنى واحد. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (183)؛ والإيضاح (294).
(1/434)
قوله تعالى: { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا } (1) روى الضحاك عن ابن عباس =رضي الله عنهما= أنه قال: نسخت هذه الآية بقوله: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ } (2) وقال ابن السائب: نسخت بقوله: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } (3) وهذا القول ليس بصحيح "وليس بين الآيات تناف" (4) ولا وجه للنسخ. وبيان هذا أن المفسرين اختلفوا في المراد بقوله (ولا تجهر بصلاتك) فقال قوم: "هي الصلاة الشرعية" (5) لا تجهر بقرءاتك فيها ولا تخافت بها (6). وقال آخرون الصلاة الدعاء، فأمر التوسط في رفع الصوت، وذلك لا ينافي التضرع (7)
__________
(1) - الآية (110) من سورة الإسراء.
(2) - الآية (205) من الأعراف. ذكر النحاس في ناسخه 183، عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما كما ذكر عنه مكي بن أبي طالب في الإيضاح 296.
(3) - الآية (94) من الحجر، أورد المؤلف هذا القول والذي قبله في زاد المسير 5/101 عمن أوردهما هنا.
(4) - غير واضحة من "هـ".
(5) - غير واضحة من "هـ".
(6) - رواه البخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر: صحيح البخاري مع الفتح 10/20 - 21، من كتاب التفسير؛ وصحيح مسلم بشرح النووي 4/164 - 165، في باب "التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية".
(7) - روى هذا المعنى البخاري في صحيحه والطبري في جامع البيان عن عاثشة رضي الله عنها قال الحافظ في الفتح: (رجح النووي وغيره قول ابن عباس كما رجحه الطبري، لكن يحتمل الجمع بينهما، بأنها نزلت في الدعاء، داخل الصلاة. وقد روى ابن مردويه من حديث أبي هريرة، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء، فنزلت: (ولا تجهر بصلاتك) انتهى من فتح الباري 10/21.. قلت: حكى دعوى النسخ هنا النحاس في ناسخه 183 - 184، والمؤلف في تفسيره 5/101 واستبعدا هذا القول، وذكر النسخ مكي بن أبي طالب في الإيضاح 296 - 297، ولكنه قال بعد إيراد قول أبي هريرة، وأبي موسى، وعاثشة، من أن معنى الصلاة الدعاء: (فتكون الآية محكمة غير منسوخة).
(1/435)
.
(15)
فأما سورة الكهف:
فليس فيها منسوخ إلا أن السدي يزعم: أن قوله تعالى: { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } (1) قال: وهذا "تخيير" نسخ بقوله (2) { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } (3) وهذا تخليط في الكلام، وإنما هو وعيد وتهديد، وليس بأمر "كذلك قال الزجاج وغيره" (4) ولا وجه للنسخ.
(16)
"باب ذكر الآيات [اللواتي] (5)
ادعي عليهن النسخ في سورة مريم"
ذكر الآية [الأولى] (6)
قوله تعالى: { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ } (7) زعم بعض "المغفلين من ناقلي" (8) التفسير، أن الإنذار "منسوخ بآية السيف" (9) وهذا تلاعب من هؤلاء بالقرآن ومن أين يقع التنافي بين إنذارهم القيامة، وبين قتالهم في الدنيا.
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } (10) زعم بعض الجهلة أنه منسوخ بالاستثناء بعده، وقد [بينا] (11) أن الاستثناء ليس بنسخ (12).
ذكر الآية الثالثة:
__________
(1) - الآية (29) من سورة الكهف.
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - الآية (30) من سورة الدهر ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم في ناسخه (346) وابن سلامة في ناسخه (61).
(4) - غير واضحة من "هـ" وقد أورد المؤلف قول الزجاج هذا في زاد المسير 5/134.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - الآية (39) من سورة مريم.
(8) - غير واضحة من "هـ".
(9) - ذكر النسخ هنا ابن حزم في المصدر السابق وابن سلامة في ناسخه (62) ولم يتعرض له المؤلف في كتابيه التفسير، ومختصر عمدة الراسخ.
(10) - الآية (59) من سورة مريم.
(11) - ساقطة من "هـ".
(12) - عد هذه الآية من المنسوخة ابن حزم في ناسخه 346، وابن سلامة في ناسخه (62) بلفظ ثم استثنى بقوله: (إلا من تاب) ولم يتعرض له المؤلف في تفسيره ومختصر عمدة الراسخ.
(1/436)
قوله تعالى: { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا } (1) زعم ذلك الجاهل أنها نسخت بقوله: { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا } (2) وهذا [من] (3) أفحش الإقدام على الكلام في كتاب الله سبحانه بالجهل. وهل بين الآيتين تناف فإن الأولى "تثبت" (4) أن الكل يردونها، والثانية "تثبت" (5) أنه ينجو منهم من اتقى، ثم "هما" (6) خبران والأخبار لا تنسخ (7).
ذكر الآية الرابعة:
قوله تعالى: { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا } (8) وزعم ذلك الجاهل، أنها منسوخة بآية السيف (9) وهذا باطل قال الزجاج: هذه الآية لفظها لفظ أمر، ومعناها الخبر، والمعنى: إن الله تعالى جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها (10) وعلى هذا لا وجه للنسخ.
ذكر الآية الخامسة:
__________
(1) - الآية (71) من سورة مريم.
(2) - الآية (72) من السورة نفسها.
(3) - ساقطة من "م".
(4) - في "هـ" ثبت.
(5) - في "هـ" ثبت.
(6) - في "هـ" هم، وهو خطأ.
(7) - ذكر النسخ هنا مكي بن أبي طالب في الإيضاح (301) عن قوم ثم رده بقوله: أنه خبر لا يجوز نسخه. وأما الطبري والنحاس، والمؤلف في تفسيره ومختصر عمدة الراسخ فأعرضوا عن ذكره.
(8) - الآية (75) من سورة مريم.
(9) - ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم في ناسخه (346) وابن سلامة في ناسخه (62).
(10) - ذكر المؤلف هذا المعنى في زاد المسير 5/259 عن الزجاج، ولم يتعرض لقول النسخ أصلا.
(1/437)
قوله تعالى: { [فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا] نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } (1) زعم بعض المفسرين: أنها منسوخة بآية السيف (2). وهذا ليس بصحيح، لأنه إن كان المعنى لا تعجل بطلب عذابهم الذي "يكون" (3) في الآخرة فإن المعنى أن أعمارهم "سريعة" (4) الفناء، فلا وجه للنسخ. [وإن كان المعنى و] (5) لا تعجل بطلب قتالهم، فإن هذا السورة نزلت بمكة ولم يؤمر حينئذ بالقتال فنهيه عن الاستعجال بطلب القتال، واقع في موضعه، ثم أمره بقتالهم بعد الهجرة لا ينافي النهي عن طلب القتال بمكة فكيف يتوجه النسخ. فسبحان من قدر وجود قوم جهال يتلاعبون بالكلام في القرآن، ويدعون نسخ ما ليس بمنسوخ، وكل ذلك من سوء الفهم، نعوذ بالله منه (6).
(17)
"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة طه"
ذكر الآية الأولى:
__________
(1) - الآية (84) من سورة مريم، وما بين معقوفين من الآية ساقطة من "هـ".
(2) - ذكره ابن حزم وابن سلامة في المصدرين السابقين.
(3) - في "هـ" كون، وهو تحريف.
(4) - في "هـ" شريعة، وهو تصحيف.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - لم يتعرض المؤلف في مختصر عمدة الراسخ لدعوى النسخ هنا وقد ذكره في زاد المسير 5/262، ثم رده بقوله: (وهذا ليس بصحيح) وأما أبو جعفر النحاس فأعرض عن ذكر دعوى النسخ في الآيات الخمسة المذكورة هنا، كما أعرض عن الأربعة منها مكي بن أبي طالب، إنما ذكر في واحدة منها كما قدمنا آنفا ثم رد على ذلك.
(1/438)
قوله تعالى: { فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } (1) قال جماعة من المفسرين، معناها: فاصبر على ما "تسمع" (2) من أذاهم، ثم نسخت بآية السيف (3).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا } (4) قالوا: هي منسوخة بآية السيف (5). وقد ذكروا في سورة الأنبياء ما لا يحسن ذكره مما ادعوا فيه النسخ "فأضربنا عنه" (6).
(18)
"باب ذكرالآيات "التي" (7) [ادعي عليهن النسخ في سورة الحج]" (8)
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: { وَإِنْ [جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ] بِمَا تَعْمَلُونَ } (9) اختلفوا في هذه الآية على قولين:
أحدهما: أنها [نزلت] (10) قبل الأمر بالقتال ثم نسخت بآية السيف (11).
__________
(1) - الآية (130) من سورة طه.
(2) - في "هـ" سمع.
(3) - قلت عبارة المؤلف في مختصر عمدة الراسخ كعبارته هنا، حيث نسب قول النسخ إلى جماعة بدون تعليق، إلا أنه فسر الآية في زاد المسير 5/333، بما يؤيد النسخ، وقال: (ثم حكم فيهم بالقتل، ونسخ بآية السيف). ونحن لا نجد دليلا صحيحا يثبت النسخ هنا، بل يشير كلام المؤلف في آيتي النحل: وهما: (ولئن صبرتم لهو خير الصابرين)، (واصبر وما صبرك إلا بالله) أن أمثال هذه الآية لا يقول بنسخها. والله أعلم.
(4) - الآية (135) من سورة طه.
(5) - قلت: ذكر النسخ هنا هبة الله في ناسخه (64) أما المؤلف فأسلوبه، في مختصر عمدة الراسخ كأسلوبه هنا حيث لم يبد رأيا فيه، إنما نقل قول النسخ في زاد المسير، فقال: (وليس بشيء) ولم يتعرض لقول النسخ في هذين الآيتين الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب.
(6) - غير واضحة من "هـ".
(7) - في "هـ" الواتي.
(8) - ساقطة من "هـ".
(9) - الآية (68) من سورة الحج وما بين معقوفين منها ساقطة من "هـ".
(10) - ساقطة من "هـ".
(11) - ذكره هبة الله في ناسخه (66).
(1/439)
والثاني: أنها نزلت [في حق المنافقين] (1) كانت تظهر منهم "فلتات" (2) ثم يجادلون عليها فأمر أن يكل أمورهم إلى الله تعالى، فالآية على هذا محكمة (3).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } (4) فيها قولان:
أحدهما: أنها منسوخة، لأن فعل ما فيه وفاء لحق الله لا يتصور من أحد، واختلف هؤلاء "في ناسخها على قولين" (5):
أحدهما: (6) أنه قوله: { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا } (7).
والثاني: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (8).
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - في النسختين غير واضحة قومتها حسبما وجدت في تفسير المؤلف ومختصر عمدة الراسخ، لم يتعرض الطبري ولا ابن كثير للنسخ في هذه الآية بل فسراها بما يؤيد الإحكام. انظر: جامع البيان 17؛ وتفسير القرآن العظيم 3/34.
(3) - في النسختين غير واضحة قومتها حسبما وجدت في تفسير المؤلف ومختصر عمدة الراسخ، لم يتعرض الطبري ولا ابن كثير للنسخ في هذه الآية بل فسراها بما يؤيد الإحكام. انظر: جامع البيان 17؛ وتفسير القرآن العظيم 3/34.
(4) - الآية (78) من سورة الحج.
(5) - غير واضحة من "هـ".
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - الآية (286) من سورة البقرة.
(8) - الآية (16) من سورةالتغابن.
(1/440)
والقول الثاني: (أنها محكمة، لأن حق الجهاد الجد في المجاهدة) (1) وبذل الإمكان مع صحة القصد "فعلى هذا هي محكمة ويوضحه أن الله تعالى لم يؤمر" (2) بما لا يتصور، فبان أن قوله { مَا اسْتَطَعْتُمْ } تفسير لحق الجهاد فلا يصح نسخ، كما بينا في قوله تعالى في آل عمران: { اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } (3).
(19)
"باب ذكر الآيات اللتي" (4)
ادعي عليهن النسخ في سورة المؤمنون" (5)
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ } (6) أي: في "عمايتهم" (7) وحيرتهم إلى أن يأتيهم ما وعدوا به من العذاب، واختلفوا: هل هذه منسوخة أم لا، على قولين:
أحدهما: أنها منسوخة بآية السيف لأنها اقتضت ترك الكفار على ما هم عليه (8).
والثاني: أن معناها الوعيد والتهديد، فهي محكمة (9).
ذكر الاية الثانية:
قوله تعالى: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ } (10) للمفسرين في معنى هذا أربعة أقوال:
__________
(1) - غير واضحة من "هـ".
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - الآية (102) من آل عمران، في "م" اتق بالأفراد وهو خطأ من الناسخ. قلت: مال المؤلف إلى إحكام الآية في زاد المسير 5/459، ومختصر عمدة الراسخ الورقة العاشرة، وهو اختيار النحاس ومكي بن أبي طالب. انظر: الناسخ والمنسوخ (192)؛ والإيضاح (310).
(4) - في "هـ" اللواتي.
(5) - في "هـ" المؤمنين.
(6) - الآية (54) من سورةالمؤمنون.
(7) - غير واضحة من "هـ"، وقد ذكر هذا القول المؤلف في زاد المسير 5/479 عن الزجاج.
(8) - ذكره ابن حزم في ناسخه 349، وابن سلامة في ناسخه (67).
(9) - ذكر المؤلف في زاد المسير 5/479، وفي مختصر عمدة الراسخ الورقة العاشرة، نفس ما ذكره هنا. كما فسر الطبري وابن كثير الآية بما يؤيد إحكامها. انظر: جامع البيان 18/24؛ وتفسير القرآن العظيم 3/247.
(10) - الآية (96) من سورة "المؤمنون".
(1/441)
أحدها: ادفع إساءة المسيئ "بالصفح" (1). قاله الحسن.
والثاني: ادفع الفحش بالإسلام، قاله عطاء والضحاك (2).
والثالث: ادفع الشرك بالتوحيد قاله ابن السائب.
والرابع: ادفع المنكر بالموعظة، حكاه الماوردي، وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية [منسوخة] (3) وقال بعض المحققين من العلماء: لا حاجة بنا إلى [القول] (4) بالنسخ؛ لأن المداراة محمودة ما لم تضر بالدين، ولم تؤد إلى إبطال حق وإثبات باطل (5).
(20)
"باب ذكر الآيات "التي" (6) ادعي عليهن النسخ في سورة النور"
ذكر الآية الأولى:
__________
(1) - غير واضحة من "هـ"، ذكر السيوطي في الدر المنثور 5/14، عن عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد، في قوله (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) أعرض عن أذاهم إياك.
(2) - ذكره السيوطي في المصدر السابق وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطاء.
(3) - ساقطة من "هـ". ذكر المؤلف في زاد المسير 5/488-489، هذه الآراء الأربعة عمن ذكرهم هنا. كما ذكر النسخ ابن حزم في ناسخه 349 وابن سلامة في ناسخه (67).
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - قلت أورد المؤلف قول النسخ في المصدر السابق عن بعضهم، ولم يرجح، وأورده في مختصر عمدة الراسخ الورقة العاشرة عن البعض ثم رده بمثل ما رد به هنا. ولم يتعرض له النحاس ولا مكي بن أبي طالب.
(6) - في "هـ" اللواتي.
(1/442)
قوله تعالى: { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ } (1) قال: عكرمة هذه الآية في بغايا كن بمكة أصحاب رايات وكان لا يدخل عليهن إلا زان من أهل القبلة أو مشرك، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن فنزلت هذه الآية (2) قال ابن جرير فعلى هذا يكون المعنى: الزاني من المسلمين لا يتزوج أمرأة من أولئك البغا[يا] (3) إلا زانية أو مشركة؛ لأنهن كذلك، والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زان أو مشرك (4).
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: بنا عمر بن عبيد الله البقال، قال: بنا ابن بشران قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا هشيم، وأبنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: بنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني قال: بنا وهب بن بقية عن هشيم، قال: أبنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب في قوله: { وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ } قال: نسختها الآية التي بعدها { وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ } (5).
__________
(1) - الآية الثانية من سورة النور.
(2) - ذكر نحو هذا المعنى الطبري في تفسيره 18/55، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وغيرهم، كما ذكره المؤلف في زاد المسير 6/9 عن عكرمة، وفيه: (كن بمكة ومنهن تسع صاحب رايات وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية المواخير).
(3) - ساقطة من "م".
(4) - تجد فى تفسير الآية الثانية من سورة النور في جامع البيان 18/50 - 57 نص كلام الطبري والآثار المروية في ذلك.
(5) - الآية (32) من سورة النور، والأثر رواه الطبري بأسانيد صحيحة عن سعيد بن المسيب في المصدر نفسه.
(1/443)
قال: الشافعي القول كما قال: ابن المسيب إن شاء الله (1)
__________
(1) - قال الإمام الشافعي رحمه الله بعد أن روى قول ابن المسيب بإسناده: (فهذا كما قال ابن المسيب إن شاء الله وعليه دلائل من القرآن والسنة). قلت: المؤلف رحمه الله لم يبد رأيه في نسخ الآية -كما هنا-، في مختصر عمدة الراسخ، ولم يتعرض في تفسيره لدعوى النسخ، وأما النحاس فيورد أربعة أقوال في الآية: الأول: أنها منسوخة، على رأي ابن المسيب رحمه الله. والثاني: أنها محكمة ومعناها الوطأ، هذا على رأي ابن عباس، رضي الله عنهما، وهو اختيار الطبري. والثالث: الزاني المجلود في الزنا لا ينكح إلا مجلودة مثله، وهو مروي عن أبي هريرة والحسن، ثم قال النحاس وهذا الحديث يجوز أن يكون منسوخا. والرابع: وهي الزانية التي تكتسب بزناها، وتنفق على زوجها، وهذا المعنى مروي عن عبد الله بن عمرو، وهو قول مجاهد ثم قال النحاس: هذا الحديث من أحسن ما روي في هذه الآية، فإذا صح جاز أن تكون الناسخة بعده والله أعلم بحقيقة ذلك. هكذا أورد مكي بن أبي طالب الآراء الأربعة عن أصحابها ولم يرجح رأيا دون آخر. وأما الإمامان ابن جرير، وابن كثير، فقد فسرا بما يؤيد إحكام الآية، وإليك نص ما ذكره ابن كثير بعد إيراد هذه الآية: (هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي: لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، وكذلك الزانية لا ينكحها إلا زان، أي: عاص أو مشرك لا يعتقد تحريمه) ثم يروى نحو هذا المعنى من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويقول: هذا إسناد صحيح عنه، وقد روي عنه من غير وجه، كما روي عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، والضحاك، ومكحول، ومقاتل بن حيان، وغير واحد نحو ذلك.. ويقول ابن كثير أيضا: ومن هنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على امرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت، صح العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى: (وحرم ذلك على المؤمنين) انتهى. وقد ذكر هذا القول المؤلف في زاد المسير، وقال: (وهو مذهب أصحابنا). وقد ناقش أستاذنا المرحوم الدكتور مصطفى زيد هذه الآية مناقشة جدية في كتابه النسخ في القرآن الكريم، فيقول في نهاية المناقشة: (إن علاقة الآيتين الناسخ والمنسوخ هنا من نوع علاقة الخاص الإضافي بالعام، تخصيص عمومه ولا تنسخ به وقد أسلفنا أن الحنفية يسمون مثل هذا نسخا، إن كان العمل بالعام فيه ممكنا قبل نزول الخاص، فإن الخاص حينئذ، يعتبر ناسخا للعام بمعنى أنه رفع الحكم، عن أفراد كان العام يشملهم قبل أن ينزل الخاص، أما إذا لم يكن العمل بالعام ممكنا قبل نزول الخاص فلا خلاف بين الأئمة في أن نزول الخاص بعده مخصص له، لا ناسخ). انظر: في ذلك كله كتاب الأم للإمام الشافعي 5/10؛ وأحكام القرآن له 1/178؛ والسنن الكبرى للبيهقي 7/154؛ وزاد المسير 6/9؛ ومختصر عمدة الراسخ المخطوط ورقة (10)؛ والناسخ والمنسوخ للنحاس 193 - 194؛ والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه 312 - 313؛ وتفسير جامع البيان 18/55 - 57؛ وتفسير القرآن العظيم 3/262؛ والنسخ في القرآن الكريم الجزء الثاني، فقرة 1185 - 1196.
(1/444)
.
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } (1) زعم من لا فهم له، من ناقلي التفسير، أنها نسخت "بالاستثناء" (2) بعدها، وهو قوله [تعالى] (3) { إِلا الَّذِينَ تَابُوا } (4) وقد بينا في مواضع أن الاستثناء لا يكون ناسخا (5).
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } الآية(6) ذهب بعض المفسرين إلى أنه نسخ من حكم "هذا النهي" (7) "العام" (8) حكم البيوت التي ليس لها أهل يستأذنون، بقوله تعالى { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ } (9)
__________
(1) - الآية الرابعة من سورةالنور.
(2) - في "هـ" استثنى، وهو خطأ إملائي.
(3) - ساقطة من "م".
(4) - الآية الخامسة من السورة نفسها.
(5) - ذكر مكي بن أبي طالب: دعوى النسخ هنا عن أبي عبيدة وغيره، لأنها أوجبت ترك قبول شهادة القاذف على الأبد، ثم نسخه بقوله: (إلا الذين تابوا) ثم قال مكي: (وهذا عند جميع العلماء ليس بنسخ إنما هو استثناء بحرف الاستثناء، ولو وجب هذا لكان كل استثناء ناسخا للمستثنى منه وهذا لا يقوله أحد) انتهى من الإيضاح 317. وأما المؤلف فلم يذكر النسخ في مختصر عمدة الراسخ وإنما نقل ذلك بمعنى الاستثناء في تفسيره عن جماعة ئم رجح قول من قال: بأن الاستثناء يعود إلى جميع الآية، فإذا تاب القاذف ارتفع الفسق فتقبل شهادته، وهو قول الجمهور. انظر: زاد المسير 6/12.
(6) - الآية (27) من سورة النور.
(7) - غير اضحة من "هـ".
(8) - غير واضحة من "هـ".
(9) - الآية (29) من سورة النور.
(1/445)
أخبرنا المبارك [بن] (1) علي، قال: "أبنا أحمد بن" (2) الحسين بن قريش، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: أبنا محمد بن "إسماعيل" (3) قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: أبنا محمد [بن] قهزاذ، قال: بنا علي بن الحسين [بن واقد] (4) قال: حدثني أبي عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: (5) { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا } الآية ثم نسخ واستثنى من ذلك: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ } "وهذا" (6) مروي عن الحسن، وعكرمة، والضحاك (7) "وليس هذا نسخ" (8) إنما هو تخصيص (9).
والثاني: أن الآيتين محكمتان "فالاستيذان" (10) شرط في الأولى، إذا كان للدار أهل، و"الثانية" (11) وردت في بيوت لا ساكن لها "والإذن" (12) لا يتصور من غير آذن، فإذا بطل الاستئذان لم يكن البيوت الخالية داخلة في الأولى، وهذا أصح (13).
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - غير واضحة من "هـ".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - في "م" وقال زيادة ولعلها من الناسخ.
(6) - في "هـ" ولهذا، وهو خطأ.
(7) - أخرج الطبري والنحاس هذا القول عن ابن عباس بسند ضعيف، كما ذكره النحاس عن عكرمة والحسن، وذكره مكي بن أبي طالب عن ابن عباس بدون إسناد، ثم قال النحاس ومكي: إن الآيتين محكمتان عند أكثر أهل التأويل. انظر: جامع البيان 15/87؛ والناسخ والمنسوخ 195؛ والإيضاح 316.
(8) - في "م" وليس ولهذا نسخ، وهو تحريف.
(9) - ذكر ذلك المؤلف في مختصر عمدة الراسخ الورقة العاشرة.
(10) - في "هـ" قال استيذ، وهو تحريف.
(11) - في، "م" والثاني بالتذكير، وهو خطأ.
(12) - في "م" الآن، وهو تحريف.
(13) - أورد المؤلف من القول الثاني إلى قوله: وهذا أصح، بنصها في زاد السير 6/29، بعد أن عزا قول النسخ إلى الحسن وعكرمة.
(1/446)
ذكر الآية الرابعة:
قوله تعالى: { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } (1) قال: ابن مسعود =رضي الله عنه= هو الرداء (2) وقد زعم قوم: أن هذا نسخ، بقوله: { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ } (3).
__________
(1) - الآية (31) من سورة النور.
(2) - في "هـ" الرد، وهو خطأ وقد ذكر الإمام الطبري هذا المعنى عن ابن مسعود بطرق عديدة في جامع البيان 5/18/92.
(3) - الآية (60) من سورة النور.
(1/447)
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، "قال: أبنا" (1) محمد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد [بن] (2) قهزاذ [قال: بنا] (3) علي ابن الحسين بن واقد، قال: حدثني أبي عن يزيد النحوي عن عكرمة [عن ابن عباس] (4) =رضي الله عنهما= { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } إلى قوله: { لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } (5) نسخ ذلك واستثنى من قوله: { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا } (6) وكذلك قال الضحاك (7) وهذا ليس بصحيح، لأن الآية الأولى فيمن يخاف "الافتتان" (8) بها [وهذه الآية في] (9) العجائز، فلا نسخ (10).
ذكر الآية الخامسة:
__________
(1) - مكررة في "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - الآية (31) من سورة النور.
(6) - الآية (60) من سورة النور.
(7) - أورد هذا القول مكي بن أبي طالب في الإيضاح 318 - 319، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(8) - في "هـ" الإفسار بها، وهو تحريف.
(9) - ساقطة من "هـ".
(10) - قلت: لم يتعرض المؤلف لدعوى النسخ في هذه الآية في زاد المسير ولا في مختصر عمدة الراسخ، وقد أورده ابن حزم في ناسخه (351) وابن سلامة في ناسخه (70) بدون أن يستندا إلى أي دليل كعادتهما، وأما مكي بن أبي طالب فيقول بعد عزو قول النسخ إلى ابن عباس: (وقد يكون قوله تعالى: "ولا يبدين زينتهن" مخصوصا في غير القواعد، وتكون آية القواعد خصصتها، وبينت أنها في غير القواعد من النساء ودليل ذلك أن حكم الأولى لم يزل بكليته إنما زال بعضه، وأكثر النسخ وبابه، وأصله إنما هو بزوال الحكم وحلول الثاني محله، وباب التخصيص معناه: زوال بعض حكم الأول، وبقاء ما بقي على حكمه، فهذا بالتخصيص أشبه منه بالنسخ) انتهى من الإيضاح (319).
(1/448)
قوله تعالى: { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ [وَ] (1) عَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ } (2) زعم بعضهم: أنها منسوخة بآية السيف (3) وليس هذا صحيحا، فإن الأمر بقتالهم لا ينافي أن يكون عليه ما حمل، وعليهم ما حملوا، ومتى لم يقع التنافي بين الناسخ والمنسوخ لم يكن =نسخ= (4).
ذكر الآية السادسة:
قوله تعالى: { لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } (5)
اختلفوا في هذه الآية، فذهب الأكثرون إلى أنها محكمة.
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - الآية (54) من سورة النور.
(3) - ذكر النسخ هنا ابن حزم في ناسخه 351، وابن سلامة في ناسخه (70)، وابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (30).
(4) - ما بين خطين مزدوجين غير موجودة في النسختين، أضفتها نظرا للسياق. قلت: أورد المؤلف قول النسخ في تفسيره 6/56 وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (10) ثم رد ذلك.
(5) - الآية (58) من سورة النور.
(1/449)
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: "بنا" (1) عفان قال: بنا أبو عوانة، قال: بنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: هذه الآية مما تهاون الناس به { لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وما نسخت قط (2) قال أحمد: وبنا وكيع عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن الشعبي { لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } قال: ليست منسوخة، وهذا قول القاسم بن محمد وجابر بن زيد (3). "فقد" (4) أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا "إسحاق بن أحمد" (5) قال: بنا عبد الله [بن أحمد] (6) قال: حدثني أبي، قال: بنا هشيم، قال: بنا شعبة عن داود بن أبي هند، عن ابن المسيب، قال: هذه الآية منسوخة (7) وقد روي عنه أنه قال: [هي] (8) منسوخة بقوله (9) { وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا } (10) وهذا ليس بشيء، لأن معنى الآية: { وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ } أي: من الأحرار "الحلم" (11)
__________
(1) - في "هـ" بن، وهو تحريف.
(2) - أخرج الطبري نحوه عن سعيد بن جبير في جامع البيان 17/125.
(3) - أخرجه الطبري في المصدر السابق عن الشعبي، كما ذكره النحاس في ناسخه (198) عنه وعن القاسم بن محمد وجابر بن زيد، وذكره ابن العربي في أحكام القرآن 3/1396، وعزاه إلى ابن عمر رضي الله عنه.
(4) - في "هـ" وقال.
(5) - غير واضحة من "هـ".
(6) - ساقطة من "م".
(7) - ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ (197) ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (319) عن سعيد بن المسيب، ولم يذكرا عنه ما نسخها.
(8) - ساقطة من "هـ".
(9) - في "هـ" تعالى.
(10) - الآية (59) من سورة النور.
(11) - في "هـ" الحكم، وهو تحريف..
(1/450)
فليستأذنوا، أي: في جميع الأوقات في الدخول عليكم { كَمَا اسْتَأَذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ? } يعني كما استأذن الأحرار الكبار الذين بلغوا قبلهم، فالبالغ يستأذن في كل وقت، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث (1).
ذكر الآية السابعة:
__________
(1) - قلت: لم يتعرض المؤلف في مختصر عمدة الراسخ لدعوى النسخ أصلا، وقد عرض الآراء، ورجح الإحكام في زاد المسير 6/62، فأما النحاس فيروي عن عكرمة أن رجالا من أهل العراق سألوا ابن عباس، كيف ترى في هذه الآية من كتاب الله عز وجل فوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) لا يعمل بها أحد؟ قال ابن عباس: إن الله رفيق حليم رحيم بالمؤمنين يحب السترة عليهم، وكان القوم ليس لهم مستور ولا جمال، فربما دخل الخادم أو الولد أو اليتيمة وهو مع أهله في حال جماع، فأمر الله بالاستيذان في هذه الحالات الثلاث)... وقال في رواية أخرى، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (ثم جاء بالستر وبسط الرزق، فاتخذ الناس الستور والجمال فرأى الناس ذلك قد كفاهم من الاستيذان الذي أمروا به). قال النحاس عن هذا القول: (إنه مشبه حسن، وليس فيه دليل على نسخ الآية ولكن على أنها كانت على حال ثم زالت فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان) انتهى من الناسخ والمنسوخ (198) ويقول مكي بن أبي طالب في الإيضاح (320) (وأكثر العلماء على أن الآية محكمة، وحكمها باق والاستيذان في هذه الأوقات واجب).
(1/451)
قوله تعالى: { لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ } (1) هذه الآية كلها محكمة، والحرج المرفوع عن أهل الضر مختلف فيه، فمن المفسرين من يقول، المعنى: ليس عليكم في مواكلتكم حرج، لأن القوم تحرجوا "وقالوا:" (2) الأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب، والمريض لا يستوفي الطعام، فكيف نواكلهم (3) "وبعضهم يقول" (4) بل كانوا يضعون مفاتحهم إذا غزوا عند أهل "الضر" (5) ويأمرونهم أن يأكلوا فيتورع أولئك عن الأكل فنزلت هذه الآية (6) "وأما البيوت (7) المذكورة فيباح للإنسان الأكل منه لجريان العادة ببذل أهلها الطعام لأهلهم، وكل ذلك محكم، وقد زعم بعضهم: أنها منسوخة بقوله: { لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } (8)
__________
(1) - الآية (61) من سورة النور.
(2) - في "هـ" وقال، بالأفراد، وهو خطأ.
(3) - أخرجه الطبري، في جامع البيان 18/129 وذكره الواحدي في أسباب النزول 223 بدون إسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما وذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور 5/58 ونسبه إلى ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير.
(4) - مكررة في "هـ".
(5) - في "هـ" ضرر، وهو تحريف.
(6) - ذكر نحوه النحاس في ناسخه عن سعيد بن المسيب، وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، كما ذكر الواحدي بإسناده عن سعيد بن جبير نحوه. انظر: الناسخ والمنسوخ 201؛ وأسباب النزول (223).
(7) - غير واضحة من "هـ".
(8) - الآية (69) من سورة النساء وقد ذكر دعوى النسخ النحاس عن ابن زيد ولم يعين الناسخ، كما ذكره مكي بن أبي طالب عنه، وقال: (ولا على أنفسكم) الآية منسوخة بقوله (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) انظر: الناسخ والمنسوخ 199؛ والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه 321..
(1/452)
وليس هذا بقول فقيه (1).
(21)
"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة الفرقان"
ذكر الآية [الأولى] (2).
قوله تعالى: { أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا } (3) زعم الكلبي (4) أنه منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح، لأن المعنى: أفأنت تكون حفيظا عليه تحفظه من اتباع هواه؟ فليس للنسخ وجه (5).
ذكر الاية الثانية:
__________
(1) - لم يتعرض المؤلف لدعوى النسخ في هذه الآية، في زاد المسير ولا في مختصر عمدة الراسخ أصلا. وقال مكي بن أبي طالب في نهاية مناقشة هذه الآية في المصدر السابق: (وقال أكثر أهل التأويل الآية محكمة، وذلك أنهم كانوا إذا خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجهاد، وضعوا مفاتحهم عند أهل العلة والزمانة المتخلفين عن الجهاد لعذرهم وعند أقربائهم، وكانوا يأذنون لهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك فكان المتخلفون يتقون أن يأكلوا مما في بيوت الغير، ويقولون نخشى أن لا تكون أنفسهم طيبة، فأنزل الله تعالى ذكره، هذه الآية تحل لهم ذلك، وهذا التفسير مروي عن عائشة - رضي الله عنها - وقاله ابن المسيب أيضا) انتهى من الإيضاح الصفحات السابقة.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - الآية (43) من سورة الفرقان.
(4) - أما الكلبي: فهو محمد بن السائب بن بشر الكلبي أبو النضر الكوفي المفسر، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، من السادسة. انظر: التقريب (298).
(5) - قلت: أعرضت معظم كتب النسخ والتفسير عن ذكر دعوى النسخ في هذه الآية، وقد أورد كلام الكلبي، المؤلف في زاد المسير 6/92 بدون تعليق! ورده في مختصر عمدة الراسخ ورقة (10) بمثل ما رد به هنا. وفسره الطبري بما يؤيد إحكامه في 19/12 من جامع البيان. 19/12 من جامع البيان.
(1/453)
قوله تعالى: { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ [الْجَاهِلُونَ] قَالُوا سَلامًا } (1) قال الحسن في تفسيرها: لا يجهلون على أحد وإن جهل [عليهم حلموا] (2) وهذه الآية محكمة عند الجمهور، وقد زعم قوم: أن المراد بها أنهم يقولون للكفار، ليس بيننا وبينكم غير السلام، وليس المراد السلام الذي هو التحية، وإنما المراد بالسلام التسلم، أي: تسلما منكم ومتاركة لكم، كما يقول براءة "منك" (3) أي لا أ"لتبس" (4) بشيء من أمرك [ثم نسخت بآية] (5) السيف، وهذا باطل، لأن اسم الجاهل يعم المشرك وغيره، فإذا خاطبهم مشرك، قالوا: السداد والصواب في الرد عليه. وحسن "المحاورة" (6) في الخطاب لا ينافي القتال. فلا وجه للنسخ (7).
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ } إلى قوله { [إِلا مَنْ تَابَ] } (8) للعلماء فيها قولان:
أحدهما: أنها منسوخة، ولهؤلاء في ناسخها ثلاثة أقوال:
__________
(1) - الآية (63) من سورة الفرقان، وما بين معقوفين منها ساقطة في "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ"، ذكر الطبري هذا المعنى عن الحسن ومجاهد، في تفسيره لهذه الآية 19/22 وذكره المؤلف عن الحسن في زاد المسير 6/101، وقال: عن مقاتل بن حيان "قالوا سلاما" أي قولا يسلمون فيه من الإثم.
(3) - في "هـ" منكم.
(4) - في "هـ" لا لبس، وهو تحريف.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - في "هـ" مجاورة، بالجيم، فهو تصحيف. وقد أخرج الطبري نحو هذا المعنى عن الحسن في جامع البيان 19/22.
(7) - ذكر النحاس في ناسخه 202 - 203 ومكي بن أبي طالب في الإيضاح 324، والمؤلف في زاد المسير 6/101، دعوى النسخ في هذه الآية دون أن يبدوا آرائهم فيه. ولم يتعرض له المؤلف في مختصر عمدة الراسخ أصلا.
(8) - الآية (68 - 70) من سورة الفرقان، وما بين حاجزين ساقطة من "هـ".
(1/454)
أحدها: أنه قوله { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } (1) قاله ابن عباس =رضي الله عنهما= (2) والأكثرون على خلافه في أن القتل لا يوجب الخلود. وقال أبو جعفر النحاس، من قال: أن قوله { وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ } الآيات نسخها قوله { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } فمعناه نزل بنسختها (3) والآيتان، واحد لأن هذا لا يقع فيه ناسخ ولا منسوخ، لأنه خبر.
والثاني: قوله { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } (4) الآية "وهذا لا يصح، لأن الشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه" (5)
والثالث: أنه نسخت بالاستثناء في قوله: { إِلا مَنْ تَابَ } وهذا باطل، لأن الاستثناء ليس بنسخ.
والقول الثاني: أنها محكمة، والخلود إنما كان لانضمام الشرك إلى القتل والزنا (6).
(22)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الشعراء"
قوله تعالى: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } (7).
__________
(1) - الآية (93) من سورة النساء.
(2) - ذكره الطبري والنحاس بإسنادهما عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر: جامع البيان 19/28؛ والناسخ والمنسوخ (11).
(3) - ذكر النحاس هذا القول عن بعض العلماء مثبتا إحكام الآية بوجهة نظره. انظر: الناسخ والمنسوخ ص 112، وراجع أيضا مناقشة آية (93) من سورة النساء مما سبق.
(4) - الآية (48) من سورة النساء.
(5) - العبارة قلقة في "هـ" وقد جاء فيها "لأن الشرك لا يغفر أن يشرك الآية وهذا لا يصح" ولعله من الناسخ.
(6) - ناقش المؤلف واقعة النسخ في هذه الآية في زاد المسير 6/106 نحو ما ناقشها هنا عرضا وترجيحا، ولم يتعرض لها في مختصر عمدة الراسخ أصلا.
(7) - الآية (124) من سورة الشعراء.
(1/455)
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قل: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: [بنا] (1) أحمد بن محمد، قال: بنا علي بن [الحسين] (2) عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= (والشعراء يتبعهم الغاوون) فنسخ من ذلك، واستثنى، فقال: { إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا } (3) قلت: وقد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ، ولا يعول على هذا، وإنما هذه الألفاظ من تغيير "الرواة" (4) وإلا فقد أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } ثم استثنى المؤمنين فقال: { إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فهذا هو اللفظ الصحيح، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= وإن هذا [هو] (5) "استثناء" (6) لا نسخ وإنما الرواة تنقل، بما "تظنه" (7)
__________
(1) - ساقطة من "م".
(2) - أل، ساقطة من "م" في الحسين.
(3) - الآية (127) من السورة نفسها والأثر أخرج الطبري نحوه عن عكرمة من طريق الحسين بن واقد، سبق أن قلنا مرارا أن علي بن الحسين قد تكلم فيه النقاد، ونرى المؤلف هنا يرفض هذه الرواية وقد جاء عند النحاس هذا المعنى عن ابن عباس من طريق جويبر، وهو أيضا ضعيف جدا كما قال الحافظ في التقريب (58). انظر: جامع البيان 19/19؛ والناسخ والمنسوخ للنحاس 203.
(4) - في "هـ" الروايات، وهو تحريف.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - في "م" استثنى، وهو خطأ إملائي.
(7) - في "هـ" "مطه"، وهو تحريف ظاهر..
(1/456)
المعنى فيخطئون (1).
(23)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة النمل"
قوله تعالى: { فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } (2) روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= أن هذا منسوخ بآية السيف وكذلك قال قتادة، وقد تكلمنا على جنس هذا وبينا أن الصحيح أنه ليس بمنسوخ (3).
(24)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة القصص"
__________
(1) - أخرجه الطبري والنحاس عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق علي بن أبي طلحة، ثم قال النحاس: (وهذا أحسن ما قيل في الآية) وهو اختيار الطبري ومكي بن أبي طالب أيضا، يقول بعد عزو دعوى النسخ إلى ابن عباس: (إنما هو استثناء وقد ورد ذلك كثير في القرآن عن ابن عباس فيها حرف الاستثناء، وهو يقول: أنه نسخ وهو لفظ مجاز لا حقيقة) ولم يتعرض المؤلف لدعوى النسخ في هذه الآية في تفسيره ولا في مختصر عمدة الراسخ. انظر: جامع البيان 19/79؛ والناسخ والمنسوخ (204)؛ والإيضاح 326 - 327.
(2) - الآية (92) من سورة النمل، ودعوى النسخ في عجزها، هو قوله: (ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين) صرح بذلك المؤلف في زاد المسير 6/198، ولم يرجح، وأما في مختصر عمدة الراسخ ورقة (10) فذكر قول النسخ واختار الأحكام.
(3) - انظر مناقشة الوقائع المشابهة لها مما سبق مثلا الآية (12) من سورة هود، و (89) من الحجر.
(1/457)
قوله تعالى: { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } (1) اختلف المفسرون في المراد باللغو هاهنا، فقال: مجاهد هو الأذى والسب (2) وقال الضحاك الشرك (3) فعلى هذا يمكن "ادعاء" (4) النسخ (5) وقوله { لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } قال: المفسرون لنا حلمنا ولكم سفهكم، وقال بعضهم: لنا ديننا ولكم دينكم، وقوله: { سَلامٌ عَلَيْكُمْ } قال الزجاج: لم يريدوا التحية، وإنما أرادوا بيننا وبينكم "المتاركة" (6) "وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال" (7) وقوله: { لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } أي: لا نطلب "مجاورتهم" (8) قال: الأكثرون فنسخت [هذه الآية] (9)
__________
(1) - الآية (55) من سورة القصص.
(2) - ذكر الطبري هذا المعنى بإسناده عن مجاهد، وذكره المؤلف في زاد المسير عنه، بدون إسناد. انظر: جامع البيان 20/58؛ وزاد المسير 6/230.
(3) - ذكره المؤلف عن الضحاك في المصدر نفسه.
(4) - في "م" أدعى، وهو خطأ إملائي.
(5) - لم أجد من ذكر النسخ في هذا الجزء من الآية، بل صرح هبة الله الذي يسرف في القول بالنسخ بأن هذا القول محكم، والمنسوخ ما بعده. انظر: الناسخ والمنسوخ له 73.
(6) - في "م" المباركة، وفي "هـ" التاركة، كلاهما تحريف، والصواب ما أثبت عن زاد المسير 6/230.
(7) - في "هـ " "وقال: هذا قبل أن يؤمر بالقتال".
(8) - في "م" مجاوزتهم، وفي "هـ" محادرتهم، كلاهما تحريف والصواب ما سجلت من المصدر السابق.
(9) - ساقطة من "هـ"..
(1/458)
بآية السيف (1).
(25)
"باب ذكر (2) ما ادعي عليه النسخ في سورة العنكبوت"
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: { وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (3) اختلفوا فيها على قولين:
__________
(1) - أورد المؤلف هذه القضية بنصها في زاد المسير 6/230، وأوردها بالاختصار في مختصر عمدة الراسخ بدون ترجيح قلت: نحن لو رجعنا إلى كلام المؤلف في سورة البقرة عند قوله تعالى: (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم) البقرة - 139- حيث يورد أربعة أوجه لإثبات إحكام الآية نجد أن وجهين منها تنطبقان على هذه الآية أيضا، وهما: أن الآية خبر خارج مخرج الوعيد والتهديد، وأن المنسوخ ما لا يبقى له حكم، وحكم هذا الكلام لا يتغير فإن كل عامل له جزاء عمله فلو ورد الأمر بقتالهم لم يبطل تعلق أعمالهم بهم. راجع مناقشة الآية المذكورة، وراجع أيضا مناقشة الآية (15) من الشورى من هذا الكتاب حيث أثبت هناك إحكام ما تشبه هذه الآية. وأما قوله (سلام عليكم) فقد سبق آنفا رد المؤلف في آية الفرقان على فرض أن المراد بالجاهلين، هم المشركون، فمعناه: قالوا: السداد والصواب في الرد عليه. وحسن المحاورة في الخطاب لا ينفي القتال فلا وجه للنسخ. انظر: مما سبق مناقشة الآية (43) من سورة الفرقان. ويؤيد ذلك قول مكي بن أبي طالب في الآية حيث قال: ذكر بعض العلماء أن الآية منسوخة بالنهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن السلام على الكفار، وقيل: هي منسوخة بالقتال والذي عليه أهل النظر -وهو الصواب- أنها محكمة غير منسوخة، ومعنى السلام فيها المتاركة والمداراة من الكفار، وليس سلام التحية المحظور، بقوله: (والسلام على من اتبع الهدى) طه (47). ويقول عن قوله: (لا نبتغي الجاهلين) قال مجاهد: لا نطلب عمل الجاهلين، فهي محكمة. انظر: كلام مكي بن أبي طالب في الإيضاح 328.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - الآية (46) من سورة العنكبوت.
(1/459)
أحدهما: أنها نسخت بقوله { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } إلى قوله { وَهُمْ صَاغِرُونَ } (1) قاله قتادة وابن السائب.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: بنا أبي، وأبنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد [بن] (2) إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا أحمد بن يحيى بن مالك، قال: بنا عبد الوهاب عن سعيد، وابنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد بن محمد، قال: بنا أبو رجاء عن همام كلاهما عن قتادة، { وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ } ثم نسخ بقوله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ } فلا "مجادلة أشد من السيف" (3).
والقول الثاني: أنها ثابتة الحكم، وهو مذهب جماعة منهم ابن زيد (4).
__________
(1) - الآية (29) من سورة التوبة.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - غير واضحة من "هـ" والأثر أخرج الطبري والنحاس بإسنادهما عن قتادة نحوه. انظر: جامع البيان 21/3؛ والناسخ والمنسوخ (205).
(4) - ذكره الطبري بإسناد عن ابن زيد كما ذكره النحاس ومكي بن أبي طالب عنه. انظر: جامع البيان 21/3؛ والناسخ والمنسوخ (205)؛ والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (330).
(1/460)
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا قيس بن حصين عن مجاهد، (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي [أحسن قال]) (1) من أدى منهم الجزية فلا تقل له إلا حسنا (2).
ذكر الآية الثانية: (3)
قوله تعالى: { وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ } (4) [زعم بعضهم أنه منسوخة بآية السيف، وهذا لو كان في قوله وما أنا إلا نذير] (5) احتمل، فأما هاهنا فلا. لأن هذه الآية "أثبتت" (6) أنه نذير، وهو نذير ويؤيد إحكامها، أنها خبر (7).
(26)
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - أخرجه النحاس عن مجاهد في المصدر السابق، ثم قال (قول مجاهد أحسن؛ لأن أحكام الله لا ينبغي أن يقال: أنها منسوخة إلا بدليل يقطع العذر أو حجة من معقول) وقد ذكر مكي بن أبي طالب أيضا قول الإحكام عن مجاهد في المصدر السابق، وهو اعتبار ابن جرير الطبري ويقول في المصدر السابق: (لا معنى لقول من قال: نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، وزعم أنها منسوخة؛ لأنه لا خبر بذلك يقطع العذر، ولا دلالة على صحته من نظرة عقل). أما المؤلف، رحمه الله، فقد أورد الرأيين في مختصر عمدة الراسخ بدون ترجيح، وذكر النسخ في تفسيره عن قتادة والكلبي، كما ذكر الإحكام عن ابن زيد. انظر: مختصر عمدة الراسخ الورقة العاشرة؛ وزاد المسير 276 - 277.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - الآية (50) من سورة العنكبوت.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - غير واضحة من "هـ".
(7) - قلت: لم يتعرض الطبري ولا النحاس ولا مكي بن أبي طالب ولا ابن كثير لدعوى النسخ في هذه الآية، بل فسر الطبري وابن كثير الآية بما يؤيد إحكامها، وأما المؤلف فقد ذكر النسخ عن البعض في تفسيره ولم يذكره في مختصر عمدة الراسخ، إنما أثبت إحكام مثل هذه الآية أيضا في سورة فاطر الآية (23). انظر: جامع البيان 21/6؛ وتفسير القرآن العظيم 3/418؛ وزاد المسير 6/275.
(1/461)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الروم"
قوله تعالى: { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } (1) زعم السدي: أنها نسخت بآية السيف، وهذا إنما يصح له أن لو كان الأمر بالصبر عن قتالهم فأما إذا احتمل أن يكون صبرا على ما أمر به أو عما نهى عنه لم يتصور نسخ (2).
(27)
"باب [ذكر] (3) ما ادعي [عليه] (4) النسخ في سورة لقمان"
[قوله تعالى] (5) { وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ } (6) ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا منسوخ بآية السيف، وقال بعضهم: نسخ معناها لا لفظها بآية السيف (7) وهذا ليس بشيء؛ لأنها إنما تضمنت "التسلية" (8) له عن الحزن، وذلك لا ينافي القتال (9).
(28)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة السجدة"
قوله تعالى: { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ } (10) روى الضحاك عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: نسختها آية السيف { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (11).
__________
(1) - الآية (60) من سورة الروم، وفي "هـ" فاصبروا، بالجمع وهو خطأ من الناسخ.
(2) - ذكر النسخ هنا هبة الله في ناسخه (74) ولم يتعرض له النحاس ومكي بن أبي طالب، ولا المؤلف في مختصر عمدة الراسخ، إنما ذكره في زاد المسير 6/313 عن بعض المفسرين.
(3) - ساقطة من "م".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - الآية (23) من سورة لقمان.
(7) - ذكر النسخ هنا ابن حزم الأنصاري في ناسخه 355 بآية السيف.
(8) - غير واضحة من "هـ".
(9) - قلت فسر الطبري وابن كثير هذه الآية بما يؤيد إحكامها ورد المؤلف في تفسيره على دعوى النسخ فيها . انظر جامع البيان 21 /38 وتفسير القرآن العظيم 3 /440 وزاد المسير 6/ 325.
(10) - الآية (30) من سورة السجدة.
(11) - الآية الخامسة من سورة التوبة.
(1/462)
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عيبد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: أبنا عبد الوهاب، عن سعيد [عن] (1) قتادة قال: كل شيء في القرآن فأعرض عنهم وانتظر منسوخ نسخته براءة، والقتال (2).
(29)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الأحزاب"
ذكر الآية الأولى:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - عد هذه الآية من المنسوخة بآية السيف ابن حزم في ناسخه 355 والنحاس بسند ضعيف عن ابن عباس في الناسخ والمنسوخ (107) وهبة الله في ناسخه (74) ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (333) كما أن المؤلف ذكر النسخ في تفسيره ومختصر عمدة الراسخ دون رد ولا تعليق. قلت: ولعلهم يقصدون بالنسخ هنا، الإعراض عن المشركين فقط، وإلا فكيف ينسخ الآية التي أثبت سياقها أنها تتحدث عن يوم القيامة كما ورد ذلك عن معظم المفسرين حيث قالوا: أن المراد بقوله: (يوم الفتح) هو يوم القيامة، وبقوله (أنهم منتظرون) أيضا يوم القيامة ويثبت هذا أن ما في الآيات وعيد وتهديد للمشركين بعذاب يوم القيامة حيث كانوا ينكرون وقوعها ويستبعدونها بقوله: (متى هذا الفتح) وهذا المعنى من اختيار الطبري، وقد رواه بإسناد صحيح عن ابن زيد ومجاهد وقتادة، وذكره أيضا السيوطي معزيا إلى الفريابي وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، عن مجاهد، كما ذكره أيضا السيوطي معزيا إلى عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة، وهو أيضا اختيار الإمام ابن كثير، فلا تعارض بين آية السيف وهذه الآية. انظر: جامع البيان 21/73؛ والدر المنثور 5/179.
(1/463)
قوله تعالى: { وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ } (1) قال المفسرون، معناه: لا تجازهم عليه وتوكل على [الله في كفاية] (2) شرهم قالوا ونسخت بآية السيف (3).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ } (4) اختلف العلماء لمن هذه المتعة، فقال الأكثرون: هي لمن لم "يسم" (5) لها مهرا لقوله تعالى في البقرة: { أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } (6) وهل هي مستحبة أو واجبة للعلماء فيها قولان:
__________
(1) - الآية (48) من سورة الأحزاب.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - قلت: لم يشر إلى النسخ في هذه الآية الطبري وابن كثير والنحاس ومكي بن أبي طالب، بل تفسير الطبري للآية يؤيد إحكامها حيث قال: (ودع أذاهم) يقول: (أعرض عن أذاهم لك واصبر عليه ولا يمنعك ذلك عن القيام بأمر الله في عباده والنفوذ لما كلفك) واستدل على تأويله بالآثار الواردة عن مجاهد وقتادة في هذا المعنى، ويقول عن قوله (وتوكل على الله): أي فوض إلى الله أمورك وثق به، فإنه كافيك جميع من دونه حتى يأتيك أمره وقضاؤه (وكفى بالله وكيلا) يقول: وحسبك بالله قيما، وحافظا لك وكالئا. وأما المؤلف فقد ذكر النسخ عن العلماء، في تفسيره، وقال: في مختصر عمدة الراسخ (زعم جماعة من المفسرين أنها نسخت بآية السيف. انظر: جامع البيان 22/15؛ وزاد المسير 6/400؛ ومختصر عمدة الراسخ الورقة (11).
(4) - الآية (49) من سورة الأحزاب.
(5) - في "م" و "هـ" يسمى، وهو خطأ إملائي.
(6) - الآية (137) من سورة الأحزاب.
(1/464)
=أحدهما: أنها واجبة للمطلقة التي لم يسم لها مهرا إذا طلقها قبل الدخول= (1) وعلى هذا الآية محكمة، وقال قوم المتعة واجبة لكل مطلقة بهذه الآية ثم نسخت بقوله { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } (2).
__________
(1) - ما بين خطين مزدوجين لم أجدها في النسختين وقد وجدتها في كتاب المؤلف مختصر عمدة الراسخ ورقة (11) الذي سبق أن قلنا في المقدمة أنه يغلب على ظني أن مختصر عمدة الراسخ، وهو مختصر لهذا الكتاب، والظاهر أن هذه العبارة سقطت من النساخ، ولا يتضح المعنى المطلوب إلا بها، لذا أضفتها إلى المتن.
(2) - من بداية الآية الثانية إلى هذا الحد ذكرها المؤلف بنصها في مختصر عمدة الراسخ بالمصدر نفسه.
(1/465)
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: بنا أبي، قال: بنا "محمد بن سواء" (1) قال: بنا سعيد عن قتادة عن الحسن، وأبي العالية، في هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } قالا: ليست بمنسوخة لها نصف الصداق، ولها المتاع (2) قال أحمد: وبنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن ابن المسيب، قال: هي منسوخة نسختها الآية التي في البقرة { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } (3) فصار لها نصف الصداق ولا متاع لها (4) قال سعيد: وكان قتادة "يأخذ بهذا" (5) قال أحمد: وبنا حسين عن شيبان عن قتادة { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } [الآية قال: قال سعيد بن المسيب ثم نسخ هذا الحرف المتعة (وإن طلقتموهن] (6)
__________
(1) - غير واضحة من "هـ" وفي "م" سوا، والصواب ما أثبت عن كتب التراجم، وهو محمد بن سواء بن عنبر السدوسي أبو الخطاب البصري وكان كفيفا، وهو صدوق من التاسعة مات سنة بضع وثمانين ومائتين. انظر: التهذيب 9/208؛ والتقريب (300).
(2) - ذكر نحوه السيوطي معزيا إلى عبد بن حميد عن الحسن وأبي العالية. انظر: الدر المنثور 5/207.
(3) - الآية (237) من البقرة.
(4) - ذكره الطبري بإسناده عن سعيد بن المسيب في جامع البيان 22/15، وليس فيه (فصار ولها نصف الصداق ولا متاع لها). وذكر نحوه السيوطي أيضا في الدر المنثور 5/207 عن سعيد بن المسيب من طريق عبد بن حميد، وذكر المؤلف دعوى النسخ في زاد المسير 6/402 عن سعيد بن المسيب وقتادة، ولم يرجح.
(5) - غير واضحة من "هـ".
(6) - ساقطة من "هـ" والمراد بالحرف هنا الآية الناسخة وهي (237) من البقرة..
(1/466)
من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) (1).
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } (2) [اختلف المفسرون] (3) فيها على قولين:
أحدهما: أنها منسوخة بقوله: { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } (4) [وهذا مروي] (5) عن علي وابن عباس وعائشة وأم سلمة (6) وعلي بن الحسين (7) والضحاك (8).
__________
(1) - أخرجه الطبري بإسناده عن قتادة في المصدر السابق. وأورد دعوى النسخ هنا مكي بن أبي طالب بدون نسبته إلى أحد، ونص كلامه: (ويحتمل أن تكون المطلقة في هذه الآية التي قد سمي لها صداقا فيكون هذا منسوخا بقوله: (نصف ما فرضتم) أوجب الله للمطلقة قبل الدخول بها التي كان قد فرض لها نصف ما فرض لها، فنسخ الإمتاع، وقيل هو ندب وليس بفرض فهو محكم غير منسوخ على هذا القول. انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه 334 - 335.
(2) - الآية (52) من سورة الأحزاب.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - الآية (50) من السورة نفسها.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - أما أم سلمة: فهي هند بنت أبي أمية بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن المغيرة بن مخزوم المخزومية أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة سنة أربع وقيل ثلاث، وعاشت بعد ذلك ستين سنة وماتت سنة اثنين وستين وقيل سنة إحدى، وقيل قبل ذلك والأول أصح. انظر: تقريب التهذيب 473.
(7) - علي بن الحسين، بن أبي طالب زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور قال ابن عينية عن الزهري ما رأيت قريشيا أفضل منه، من الثالثة مات سنة (93) وقيل غير ذلك. انظر: ترجمته في تقريب التهذيب 345.
(8) - ذكر المؤلف قول النسخ عن هؤلاء في تفسيره زاد المسير 6/411.
(1/467)
[أخبرنا المبارك] (1) بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن [إسماعيل قال] (2) أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا عمران بن محمد الأنصاري، قال: بنا أبو [عاصم قال] (3) ابنا ابن جريج عن عطاء عن عائشة قالت: (ما مات رسول الله حتى أحل "له" (4) أن ينكح ما شاء) (5) قال أبو سلمان الدمشقي: يعني نساء جميع القبائل من المهاجرات وغير المهاجرات.
والقول الثاني: أنها محكمة، ثم فيها قولان:
أحدهما: إن الله تعالى "أثاب" (6) نساءه حين اخترنه بأن قصره، عليهن فلم يحل له غيرهن، ولم ينسخ هذا.
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - في "هـ" لكم وهو خطأ من الناسخ.
(5) - رواه الترمذي في جامعه عن عائشة رضي الله تعالى عنها، في كتاب التفسير 5/356 رقم 3216 وذكره الطبري بإسناده عنها في جامع البيان 22/24.
(6) - في "هـ" أياب، وفي "م" غير منقوطة صححتها عن زاد المسير 6/411.
(1/468)
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: بنا محمد بن إسماعيل بن العباس، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: ذكر محمد بن مصفى أن يوسف بن السفر حدثهم عن الأوزاعي، عن عثمان بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } قال: حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه (1) قال أبو بكر: وبنا إسحاق بن إبراهيم، قال: بنا حجاج، قال: بنا "حماد" (2) عن علي بن زيد عن الحسن، { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } قال: قصره الله على نسائه "التسع" (3) اللاتي مات عنهن، وهذا قول ابن سيرين وأبي أمامة "بن سهل" (4) وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث (5) والسدي.
__________
(1) - ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/212 وعزاه إلى ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2) - في "هـ" كلمة (الحمد) زيادة ولعلها من الناسخ.
(3) - في "هـ" "النسخ" وهو تصحيف.
(4) - في "م" وابن سهل، والواو زيادة من الناسخ، لأنه أبو أمامه بن سهل، كما ذكره المؤلف في زاد المسير، حينما نقل هذا الرأي عنه. انظر: 6/411 من زاد المسير.
(5) - أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني قيل اسمه محمد، وقيل المغيرة وقيل أبو بكر اسمه، وكنية أبوعبد الرحمن، وقيل اسمه كنيته. ثقة فقيه عابد من الثالثة مات سنة (94هـ) وقيل غير ذلك. انظر: التقريب (396).
(1/469)
والثاني: أن المراد بالنساء هاهنا، الكافرات ولم يجز له أن يتزوج بكافرة قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وجابر بن زيد (1).
(30)
"باب ذكر ما ادعي "عليه" (2) النسخ في سورة سبأ"
__________
(1) - قلت: ذكره الطبري بالإسناد، ومكي بن أبي طالب بدون إسناد، عن مجاهد، وذكر هذه الآراء كلها المؤلف في تفسيره، عنهم كما ذكر دعوى النسخ مختصرا في مختصر عمدة الراسخ الورقة (11)، ولم يرجح. وأما الطبري فقد اختار إحكام الآية: وقال (أولى الأقوال عندي بالصحة قول من قال: معنى ذلك: لا يحل لك النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك بقولي: (إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن)... إلى قوله (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) وإنما قلت ذلك أولى بتأويل الآية لأن قوله تعالى (لا يحل لك النساء) عقيب قوله (إنا أحللنا لك أزواجك) وغير جائز أن يقول قد أحللت لك هؤلاء ولا يحللن لك إلا بنسخ أحدهما صاحبه، وعلى أن يكون وقت فرض إحدى الآيتين قبل الأخرى منهما، فإذا كان كذلك، ولا برهان ولا دلالة إلى نسخ حكم إحدى الآيتين حكم الأخرى، ولا تقدم تنزيل إحداهما قبل صاحبتها وكان غير مستحيل مخرجهما على الصحة، لم يجز إحداهما ناسخة للأخر) ا. هـ. وأورد مكي بن أبي طالب إحكام الآية بأدلته عن ابن عباس وأبو أمامة سهل وقتادة والحسن وابن سيرين. انظر: جامع البيان 22/22؛ والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (337).
(2) - في "هـ" عليهن وهو خطأ لأنه لا يوجد مما ادعي عليه النسخ هنا إلا آية واحدة.
(1/470)
قوله تعالى: { قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } (1) قال: المفسرون، المعنى: لا تؤاخذون "بجرمنا" (2) ولا نسأل عما تعملون من الكفر والتكذيب. والمعنى: إظهار التبري منهم، قالوا: وهذا منسوخ بآية السيف (3) ولا أرى لنسخها وجها، لأن مؤاخذة كل واحد بفعله لا يمنع من قتال الكفار (4).
(31)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة فاطر"
قوله تعالى: { إِنْ أَنْتَ إِلا نَذِيرٌ } (5) قال بعض المفسرين: نسخ معناها بآية السيف (6) وقد تكلمنا على جنسها وبينا أنه لا نسخ (7).
(32)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الصافات"
ذكر الآية الأولى"
قوله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ } (8) للمفسرين في المراد "بالحين" (9) ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه زمان "الأمر" (10) بقتالهم. قاله مجاهد (11).
والثاني: موتهم: "قاله قتادة" (12).
__________
(1) - الآية (25) من سورة سبأ.
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - ذكره هبة الله في الناسخ والمنسوخ (75).
(4) - أورد دعوى النسخ المؤلف في مختصره 6/455، وفي مختصر عمدة الراسخ الورقة (11) ثم ردها بقوله: ولا وجه للنسخ.
(5) - الآية (23) من سورة فاطر، وفي "هـ" أن أتست، وهو خطأ من الناسخ.
(6) - ذكره هبة الله في المصدر السابق.
(7) - انظر فيما سبق على طريق المثال مناقشة الآيات (12) هود، (82) النحل، (104) أنعام.
(8) - الآية (174) من سورة الصافات.
(9) - في "هـ" "الخير" بدل الحين، وهو تحريف من الناسخ.
(10) - غير واضحة في "م".
(11) - ذكره المؤلف في زاد المسير 7/93، عن مجاهد، ثم قال: فعلى هذا الآية محكمة.
(12) - هاء الضمير ساقطة من "هـ"، وقد ذكر هذا القول ابن جرير في جامع البيان عند ذكر هذه الآية، عن قتادة.
(1/471)
والثالث: القيامة: "قاله" (1) ابن زيد، وعلى هذا والذي [قبله] (2) يتطرق نسخها، وقال مقاتل بن حيان نسختها آية القتال (3).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { وَأَبْصِرْ[هُمْ] (4) فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } (5) أي: انظر إليهم "إذا" (6) نزل العذاب بهم ببدر فسوف يبصرون ما أنكروا، وكانوا يستعجلون به تكذيبا وهذا كله دليل على إحكامها، وزعم قوم: أنها منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح (7).
ذكر الآية الثالثة والرابعة:
__________
(1) - في "هـ" قوله، بدل قاله، وهو تحريف من الناسخ، أورد الطبري هذا القول عن ابن زيد عند ذكر هذه الآية.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ذكر المؤلف القولين الأخرين عن قتادة وابن زيد، في مختصر عمدة الراسخ ورقة (11) وفي زاد المسير المصدر السابق، ثم قال عن مقاتل أنها منسوخة بآية القتال.
(4) - ساقطة من "م".
(5) - الآية (175) من سورة الصافات.
(6) - (إذا) مكررة في "هـ".
(7) - فسر المؤلف في زاد المسير 7/93 - 94، بقوله (فتول عنهم) أي أعرض عن كفار مكة (حتى حين) أي حتى تنقضي مدة إمهالهم، وقال مجاهد: حتى نأمرك بالقتال، فعلى هذا الآية محكمة، وقال في رواية حتى الموت، وكذلك قال قتادة. وقال ابن زيد حتى القيامة فعلى هذا يتطرق نسخها، وقال مقاتل بن حيان نسختها آية القتال انتهى. وكذلك أورد في مختصر عمدة الراسخ ورقة (11) قول قتادة وابن زيد وذكر النسخ بدون تعليق.
(1/472)
وهما تكرار الأوليين { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } (1) قال المفسرون: هذا تكرار لما تقدم "توكيد" (2) لوعده بالعذاب، وقال ابن عقيل: الآيتان المتقدمتان عايدتان إلى أذيتهم له، وصدهم له عن العمر[ة] (3) والحين الأول، حين الفتح "فا" (4) لمعنى أبصرهم إذا جاء نصر الله، ووقفوا بين يديك بالذل، وطلب العفو، فسوف يبصرون عزك وذلهم على [ضد ما كان، يوم القضاء] (5).
والموضع الثاني: (6) { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ } وهو يوم القيامة [والله أعلم وأبصر] (7) ما يكون من عذاب الله لهم، قلت: وعلى ما ذكرنا لا وجه للنسخ، وقد "ادعى" (8) بعضهم نسخ الآيتين خصوصا إذا قلنا أنها تكرار للأوليين (9).
(33)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة ص"
ذكرالآية الأولى:
__________
(1) - الآية 178-179، من سورة الصافات.
(2) - في "م" توكيدا، بالنصب.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - في "م" بالمعنى.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - يقصد الحين الثاني.
(7) - ساقطة من "هـ".
(8) - غير واضحة من "هـ".
(9) - سكت عن دعوى النسخ في هذه الآيات الأربعة النحاس ومكي بن أبي طالب، وذكره ابن حزم في ناسخه 358، وابن سلامة في ناسخه (74) وابن هلال في ناسخه ورقة (30) أما المؤلف فلم يتعرض له في زاد المسير، وقال في مختصر عمدة الراسخ: أنه تكرار لما تقدم وتوكيدا. انظر: الورقة (11) منه.
(1/473)
[قوله تعالى] (1) { إِنْ يُوحَى إِلَيَّ [إِلا] أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ } (2) ومعنى الكلام: إني ما علمت قصة آدم: { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ } (3) إلا بوحي وعلى هذا الآية محكمة، وقد زعم بعض من قل فهمه: أنها منسوخة بآية السيف (4). وقد رددنا مثل هذه الدعوى في نظائرها المتقدمة (5).
ذكر الآية الثانية:
__________
(1) - ساقطة من"م".
(2) - الآية (70) من سورة ص، وما بين معقوفين ساقطة من "هـ".
(3) - الآية (71) من السورة نفسها.
(4) - ذكره ابن حزم في المصدر السابق وابن سلامة في ناسخه 76، وابن هلال في ناسخه (31).
(5) - قلت: لم يذكر المؤلف هذه السورة في مختصر عمدة الراسخ إطلاقا، وقد فسر هذه الآية في زاد المسير 7/155-، كما فسرها الطبري في جامع البيان 23/178 - بما يؤيد إحكامها. وقد سبق أن رد المؤلف دعوى النسخ في أشباه هذه الآية. انظر: مثلا مناقشة الآية (92) من سورة النمل، و (50) من سورة العنكبوت.
(1/474)
قوله تعالى: { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ } (1) زعم بعض من لا فهم له: أنها منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح، لأنه وعيد بعقاب إما أن يراد بوقته الموت أو القتل [أ] (2) و القيامة [و] (3) ليس فيه ما يمنع قتال الكفار (4).
(34)
"باب ذكر" (5) ما ادعي عليه النسخ في سورة الزمر"
[ذكر الآية الأولى] (6)
قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } (7) قال المفسرون: هذا حكم الآخرة، وهذا أمر محكم، وقد ادعى بعضهم نسخها بآية السيف، وعلى هذا يكون الحكم حكم الدنيا (8) بأن أمر بقتالهم (9).
ذكر الآية [الثانية] (10)
__________
(1) - الآية (88) من سورة ص.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - قلت: ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم، وابن سلامة، وابن هلال، في المصادر السابقة وقال ابن سلامة: فمن يجعل الحين "الدهر" لا نسخ فيها، فأما النحاس ومكي بن أبي طالب فلم يتعرض للنسخ في هذه الآية ولا في التي قبلها، وذكر المؤلف في زاد المسير بأن المراد بالحين الموت أو القيامة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكر المعنى الأول عن قتادة، وقال ابن كثير: (لا منافاة بين القولين، فإن من مات دخل في حكم القيامة، وقال قتادة في قوله تعالى: (ولتعلمن نبأه بعد حين) قال الحسن: يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين). انظر: زاد المسير 7/159؛ وتفسير القرآن العظيم 4/44.
(5) - في "هـ" هنا تقديم وتأخير.
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - الآية الثالثة من سورة الزمر.
(8) - هنا كلمة "بأمر" زائدة في "هـ" ولعلها من الناسخ.
(9) - ذكر دعوى النسخ في هذه الآية ابن حزم في ناسخه (359) وابن سلامة (77) في ناسخه، وابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (31)، ولم يتعرض له النحاس، ومكي بن أبي طالب، ولا المؤلف في مختصر عمدة الراسخ، إنما ذكره المؤلف في زاد المسير 7/162، عن قوم ثم قال: ولا وجه لذلك.
(10) - ساقطة من "هـ".
(1/475)
قوله تعالى: { إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } (1) [قد ادعى] (2) قوم نسخها بقوله: { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } (3) وقد منعنا ذلك في ذكر نظيرتها في الأنعام (4).
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ } (5) ليس هذا بأمر وإنما هو تهديد، وهو محكم فهو كقوله: { اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ } (6) وقد زعم بعض من لا فهم له أنه منسوخ بآية السيف (7) وإنما قال هذا، لأنه ظن أنه أمر، وهذا ظن فاسد وخيال "رديء" (8).
ذكر الآية الرابعة والخامسة:
__________
(1) - الآية (13) من سورة الزمر.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - الآية الثانية من سورة الفتح.
(4) - انظر مثلا مناقشة آية (115) من سورة الأنعام. قلت: ذكر دعوى النسخ في هذه الآية بآية الفتح ابن حزم وابن سلامة وابن هلال في المصادر السابقة ولم يتعرض له الطبري ولا النحاس ولا مكي بن أبي طالب ولا المؤلف في مختصر عمدة الراسخ وإنما اكتفى المؤلف في زاد المسير 7/165 بالإحالة إلى سورة الأنعام حيث أثبت الإحكام هناك.
(5) - الآية (15) من سورة الزمر.
(6) - الآية (40) من سورة فصلت.
(7) - ذكره ابن حزم في ناسخه (360) وهبة الله في ناسخه (77)، وابن هلال في ناسخه المخطوط، ورقة (31) ولم يتعرض له النحاس ومكي بن أبي طالب.
(8) - غير واضحة من "هـ" قلت لم يذكر المؤلف هذا القول في مختصر عمدة الراسخ، وأورده في زاد المسير 7/169، ثم قال: وهذا باطل، لأنه لو كان أمرا كان منسوخا فأما أن يكون بمعنى الوعيد فلا وجه لنسخه.
(1/476)
قوله تعالى: { قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ } (1) زعم بعض المفسرين "أنهما نسختا" (2) بآية السيف، وإذا كان معناهما التهديد والوعيد، فلا وجه للنسخ (3).
ذكر الآية السادسة:
قوله تعالى: { فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ } (4) وقد زعم قوم: أنها منسوخة بآية السيف، وقد سبق كلامنا في هذا الجنس أنه ليس بمنسوخ (5).
ذكر الآية السابعة:
__________
(1) - الآيتان (39 - 40) من سورة الزمر، وفي "هـ" "يوم" مقيم، فهو خطأ وزيادة من الناسخ.
(2) - في "هـ" أنها نسخت بالإفراد، وهو خطأ من الناسخ.
(3) - ذكر مكي بن أبي طالب قول النسخ هنا عن ابن عباس رضي الله عنهما، ثم قال: وهذا تهديد ووعيد لا يحسن نسخه، وكذا قال المؤلف في مختصر عمدة الراسخ ورقة (11)، وأما في تفسيره 7/185 فذكر النسخ بدون تعليق.
(4) - الآية (41) من سورة الزمر.
(5) - انظر: مناقشة الآية (104) من سورة الأنعام والآية (92) من سورة النمل.
(1/477)
قوله تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } (1) زعم بعض ناقلي التفسير أن معناه نسخ بآية السيف، وليس هذا بصحيح؛ لأن حكم الله بين عباده في الدنيا بإظهار حجج "المحقين" (2) وإبطال شبه "الملحدين" (3) وفي الآخرة بإدخال هؤلاء الجنة، وهؤلاء النار، وهذا لا ينافي قتالهم (4).
(35)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة المؤمن"
[قوله تعالى] (5) { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } (6) هذه الآية في [هذه] (7) السورة في موضعين [و] (8) قد ذكروا أنها منسوخة بآية السيف، وعلى ما قررنا في نظائرها (9) لا نسخ.
(36)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة حم السجدة"
قوله تعالى: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (10) [وقد زعم] (11) بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف (12).
__________
(1) - الآية (46) من سورةالزمر.
(2) - في "هـ" المحققين.
(3) - في "هـ" محدثين، وهو تحريف.
(4) - قال ابن حزم في ناسخه 360، وابن سلامة في ناسخه 78، أن معنى هذه الآية منسوخة بآية السيف لا لفظها، ولم أجد احدا عدها من المنسوخة غيرهما، ولم يتعرض لدعوى النسخ فيها المؤلف في تفسيره ولا في مختصر عمدة الراسخ.
(5) - ساقطة من "م".
(6) - الآية (55و77) من سورة الزمر.
(7) - ساقطة من "هـ".
(8) - ساقطة من "هـ".
(9) - انظر مثلا الآيات 176، من آل عمران و109 من يونس.
(10) - الآية 34، من السجدة.
(11) - ساقطة من "هـ".
(12) - ذكر هذا القول ابن حزم في ناسخه (362) وابن سلامة في ناسخه (79) وابن هلال في ناسخه ورقة؛ 31).
(1/478)
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا [أحمد بن الحسين] (1) قال: أبنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: أبنا الحسن بن علي بن مهران "قال:" (2) بنا عامر بن الفرات، عن "أسباط" عن السدي، { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } قال: هذا قبل القتال، وقال أكثر المفسرين "هو كدفع" الغضب بالصبر، "والإساءة" (3) بالعفو، وهذا يدل على أنه ليس المراد بذلك [معاملة الكفار] (4) فلا يتوجه النسخ.
أخبرنا المحمدان، ابن ناصر وابن عبد الباقي، قالا: أبنا أحمد بن أحمد، قال: أبنا أحمد بن عبد الله الأصفهاني، قال: بنا سليمان أبي أحمد، قال: بنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا عبد [الرزاق عن] (5) معمر عن عبد الكريم عن مجاهد { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } قال: هو السلام يسلم عليه، [و] (6) رواه منصور عن مجاهد، قال: المصافحة (7).
(37)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ [في سورة] (8) حم عسق"
ذكر الآية الأولى:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - مكررة في "هـ".
(3) - في "هـ" والاثا، وهو تحريف، وقد ذكر هذ الرأي المؤلف في زاد المسير 7/258.
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - ذكره الطبري بإسناده عن مجاهد، وذكره المؤلف في زاد المسير في المصدر نفسه عن عطاء، وفسر الطبري الآية بقوله (ادفع يا محمد بحلمك جعل من جهل عليك، وبعفوك عمن أساء إليك إساءة المسيء وبصبرك عليهم مكروه ما تجد منهم، ويلقاك من قبلهم وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في تأويله) ثم ذكر أثرا عن ابن عباس يؤيد تفسيره هذا ولم يتعرض لدعوى النسخ هنا، النحاس ولا مكي بن أبي طالب، وذكر المؤلف في مختصر عمدة الراسخ الورقة (11) نحو ما ذكره هنا بالاختصار، ونسب قول النسخ في زاد المسير إلى المفسرين. انظر: جامع البيان 24/85 - 86.
(8) - ساقطة من "هـ".
(1/479)
قوله تعالى: { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ } (1) زعم قوم منهم ابن منبه (2) والسدي، ومقاتل بن سليمان، أنها منسوخة بقوله: { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } (3) وهذا قبيح، لأن الآيتين خبر، والخبر لا ينسخ، ثم ليس بين الآيتين تضاد؛ لأن استغفارهم للمؤمنين استغفار خاص لا يدخل فيه إلا من اتبع الطريق المستقيم فلأولئك طلبوا الغفران والإعاذة من النيران وإدخال الجنان.
__________
(1) - الآية (5) من سورة الشورى.
(2) - وهب بن منبه ابن كامل اليماني، ثقة من الثالثة مات سنة بضع عشرة ومائة انظر: تقريب لتهذيب (372). ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير 56 - 57 (كان ممن يأخذ عن أهل الكتاب، فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة).
(3) - الآية السادسة من سورة غافر.
(1/480)
واستغفارهم لمن في الأرض لا يخلوا من أمرين: إما أن يريدوا به الحلم عنهم والرزق لهم، والتوفيق ليسلموا، وإما أن يريدوا به من في الأرض [من] (1) المؤمنين فيكون اللفظ عاما والمعنى خاصا، وقد دل على تخصيص عمومه قوله: { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } "والدليل الموجب" (2) لصرفه عن العموم إلى الخصوص أن الكافر لا يستحق أن يغفر له فعلى هذا البيان لا وجه للنسخ، وكذلك قال قتادة { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ } قال: للمؤمنين منهم (3) وقال أبو الحسين بن المنادي (4) في الكلام مضمر، تقديره: لمن في الأرض من المؤمنين، وقال أبو جعفر النحاس: يجوز أن يكون وهب بن منبه [أراد أن] (5) هذه الآية على نسخ تلك الآية، لأنه لا فرق بينهما (6).
ذكر الآية الثانية:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - مكررة في "هـ".
(3) - ذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور 6/3، وقال: أخرجه عبد الرزاق وابن منذر وعبد بن حميد عن قتادة، وذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ (215) بإسناده عن قتادة أيضا.
(4) - وهو أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي، ولد ببغداد "256هـ"، وكان عالما ممتازا حتى قيل أنه ألف أكثر من مائة مؤلف، وله كتاب في النسخ في القرآن، توفي سنة 334، كما قال كشف الظنون (1921). انظر: طبقات الحنابلة 291 - 292 (رقم 632).
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - انظر كلام النحاس في الرد على من ادعى النسخ في الناسخ والمنسوخ (214 - 215) وقد أورد المؤلف في تفسيره 7/273 دعوى النسخ هنا، عن قوم منهم مقاتل، كما أوردها في مختصر عمدة الراسخ ورقة (11) ثم رد فيهما بمثل ما رد به هنا، وأما مكي بن أبي طالب فيقول بعد ذكر قول النسخ: أن الصواب فيه مخصوص ومبين بآية غافر وليس بمنسوخ لها. انظر: الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخه ص350.
(1/481)
قوله تعالى: { حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ [وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ] بِوَكِيلٍ } (1) قد زعم كثير من المفسرين: أنها منسوخة بآية السيف وقد بينا مذهبنا في نظائرها وأن المراد: أنا لم نوكلك "بهم فتؤخذ بأعمالهم" (2) فلا يتوجه نسخ (3).
ذكر الآية الثالثة:
قوله تعالى: { لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } (4) للمفسرين في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنها اقتضت الاقتصار على الإنذار، وذلك قبل الأمر بالقتال ثم نزلت آية السيف فنسختها. قاله الأكثرون وروى الضحاك عن ابن عباس، قال: { لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } مخاطبة لليهود أي لنا ديننا ولكم دينكم، قال: ثم نسخت بقوله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } الآية(5) وهكذا قال مجاهد (6).
__________
(1) - الآية السادسة من سورة الشورى، وما بين المعقوفين من الآية ساقطة من "هـ".
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - انظر مما تقدم الآيات 66 ، 104 من سورة الأنعام أورد المؤلف في المصدرين السابقين دعوى النسخ في هذه الآية ثم ردها بقوله (ولا يصح).
(4) - الآية (15) من سورة الشورى.
(5) - الآية (29) من سورة التوبة.
(6) - ذكره النحاس في ناسخه بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما ذكره مكي بن أبي طالب عنه وعن مجاهد، بدون إسناد. انظر: الناسخ والمنسوخ (215) والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (350).
(1/482)
وأخبرنا المبارك بن علي قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس، [قال: أبنا أبو] (1) بكر ابن أبي داود، قال: بنا الحسين بن علي، قال: بنا عامر بن الفرات [عن] (2) أسباط عن السدي { لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } قال: هذه (3) قبل السيف، [وقبل] (4) أن يؤمر بالجزية (5).
والقول الثاني: أن معناها: أن الكلام بعد ظهور الحجج والبراهين قد سقط بيننا فلم يبق إلا السيف فعلى هذا هي محكمة، قاله جماعة من المفسرين وهو الصحيح (6).
ذكر الآية الرابعة:
[قوله تعالى] (7) { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } هذا محكم. وقوله { وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } (8) للمفسرين فيه قولان:
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - في "هـ" هذه الآية، وهي ساقطة في "م".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - ذكر ابن كثير في تفسيره 4/109، نحوه عن السدي.
(6) - انظر فيما سبق مناقشة الآية (139) من سورة البقرة، وقد أورد المؤلف قول الإحكام في زاد المسير 7/278 عن شيخه علي بن عبيد الله عن طائفة من المفسرين، وذكره أيضا في مختصر عمدة الراسخ ورقة (12)، ثم قال: (فعلى هذا هي محكمة) وأما ابن كثير فيورد قول النسخ عن السدي، ثم يرد ذلك بأن هذه مكية وأن آية السيف بعد الهجرة. انظر: تفسير القرآن العظيم 4/109.
(7) - ساقطة من "هـ".
(8) - الآية (20) من سورة الشورى.
(1/483)
أحدهما: أنه منسوخ، بقوله: { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ } (1) رواه الضحاك عن ابن عباس =رضي الله عنهما= وبه قال "مقاتل" (2).
والثاني: أنه محكم، لأنه خبر قاله قتادة (3) "ووجهه" (4) ما بيناه في نظيرها في آل عمران "عند" (5) قوله: { وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } (6).
ذكر الآية الخامسة:
قوله تعالى: { قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (7) للمفسرين فيها قولان:
__________
(1) - الآية (18) من سورة الإسراء.
(2) - غير واضحة من "هـ". أورد هذا القول النحاس في ناسخه بسند ضعيف عن الضحاك عن ابن عباس، كما ذكره عنه مكي بن أبي طالب بدون إسناد، وقال المؤلف في تفسيره وهذا قول جماعة منهم مقاتل. انظر: الناسخ والمنسوخ (215) والإيضاح (351)؛ وزاد المسير 7/282).
(3) - يقول النحاس في المصدر السابق: (والدليل على أنها غير منسوخة: أنه خبر وقد قال قتادة في الآية من آثر الدنيا على الآخرة وكدح لها لم يكن له في الآخرة إلا النار، ولم يزد منها شيئا إلا ما قسم الله له).
(4) - في النسختين هاء الضمير ساقطة في كلمة ووجهه، كملتها ليتضح المعنى.
(5) - غير واضحة من "هـ".
(6) - انظر إن شئت مناقشة الآية (145) من آل عمران، وقد رد المؤلف في تفسيره ومختصر عمدة الراسخ ورقة (12) قول النسخ في هذه الآية وأثبت فيها الإحكام، وهو اختيار النحاس ومكي بن أبي طالب.
(7) - الآية (23) من سورة الشورى.
(1/484)
أحدهما: أن هذا الاستثناء من الجنس، فعلى هذا يكون سائلا أجرا، وقد أشار ابن عباس في رواية الضحاك إلى [هذا المعنى] (1) ثم قال: نسخت هذه الآية بقوله: { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } (2) وإلى هذا ذهب مقاتل.
والثاني: أنه استثناء من غير الأول، لأن الأنبياء لا يسألون على تبليغهم أجرا، وإنما المعنى: لكني أذكركم المودة في القربى، وقد روى هذا المعنى جماعة عن ابن عباس، منهم طاؤس والعوفي (3).
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - الآية (47) من سبأ، وقد أخطأ الناسخ في نقل هذه الآية في "هـ"، وأما هذا القول فقد رواه النحاس بسند ضعيف عن الضحاك عن ابن عباس. انظر: الناسخ والمنسوخ (216).
(3) - أورد الطبري في جامع البيان 25/25 هذا المعنى عن ابن عباس من طريق العوفي.
(1/485)
أخبرنا ابن الحصين، قال: أبنا ابن المذهب، قال: أبنا أحمد بن جعفر، قال: بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، قال: بنا يحيى عن شعبة، قال: حدثني عبد الملك بن ميسرة، عن طاؤس عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله فيهم قرابة، فنزلت: { قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم (1) هذا هو الصحيح، ولا يتوجه على هذا نسخ أصلا (2).
ذكر الآية السادسة:
قوله تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ [الْبَغْيُ هُمْ] (3) يَنْتَصِرُونَ } (4).
اختلفوا في هذه الآية، فذهب بعض القائلين بأنها في المشركين إلى أنها منسوخة بآية السيف، وهو مذهب جماعة منهم ابن زيد (5) وكأنهم يشيرون إلى أنها أثبتت الانتصار بعد بغي المشركين فلما جاز لنا أن نبدأهم القتال دل على نسخها. وللقائلين بأنها في المسلمين قولان:
__________
(1) - رواه البخاري وابن جرير نحوه عن ابن عباس، ولفظ البخاري من طريق شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، قال: سمعت طاؤسا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سأل عن قوله (إلا المودة في القربى) فقال سعيد بن جبير: عجلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة. فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة. انظر: صحيح البخاري مع الفتح في كتاب التفسير 10/185، وجامع البيان 25/15.
(2) - قال المؤلف في زاد المسير 7/284 بعد ذكر المعنى الثاني المذكور هنا، (وهذا اختيار المحققين، وهو الصحيح فلا يتوجه نسخ أصلا) وهو اختيار الطبري، والنحاس، وابن كثير 4/111-114.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - الآية (39) من سورة الشورى.
(5) - ذكره الطبري بإسناده والنحاس ومكي بن أبي طالب بدون إسناد، عن ابن زيد. انظر: جامع البيان 28/23؛ والناسخ والمنسوخ (217)؛ ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (352).
(1/486)
أحدهما: أنها منسوخة بقوله { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ } (1) فكأنها نبهت على مدح المنتصر، ثم أعلمنا أن الصبر والغفران أمدح، فبان وجه النسخ.
والثاني: أنها محكمة لأن الصبر والغفران فضيلة، والانتصار مباح فعلى هذا تكون محكمة وهو الصحيح (2).
ذكر الآية السابعة:
قوله تعالى: { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } (3).
__________
(1) - الآية (43) من سورة الشورى.
(2) - ذكر المؤلف -رحمه الله- في تفسيره 7/292 بمثل ما ذكره هنا من عرض الأقوال والترجيح، وقال: في مختصر عمدة الراسخ ورقة (12) والتحقيق أنها محكمة، وهو اختيار الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب. انظر: المصادر السابقة وفسرها ابن كثير بما يؤدي الإحكام في تفسير القرآن العظيم 4/118.
(3) - الآية (40) من سورة الشورى.
(1/487)
زعم بعض من لا فهم له، أن هذا الكلام منسوخ بقوله: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } (1) (2) وليس هذا بقول من يفهم الناسخ والمنسوخ، لأن معنى الآية: أن من "جازى مسيئا" فليجازه (3) بمثل إساءته، ومن عفا فهو أفضل (4).
ذكر الآية الثامنة:
قوله تعالى: { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } (5).
__________
(1) - ذكر المؤلف -رحمه الله- في تفسيره 7/292 بمثل ما ذكره هنا من عرض الأقوال والترجيح، وقال: في مختصر عمدة الراسخ ورقة (12) والتحقيق أنها محكمة، وهو اختيار الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب. انظر: المصادر السابقة وفسرها ابن كثير بما يؤدي الإحكام في تفسير القرآن العظيم 4/118.
(2) - عجز الآية نفسها.
(3) - غير واضحة من "هـ".
(4) - قلت: عزا دعوى النسخ هنا الطبري، والنحاس إلى ابن زيد، ثم قال الطبري (غير أن الصواب عندنا أن تحمل الآية على الظاهر ما لم ينقله إلى الباطن ما يجب التسليم له وأن لا يحكم لحكم في آية بالنسخ إلا بخبر يقطع العذر أو حجة يجب التسليم لها، ولم تثبت حجة في قوله: (جزاء سيئة سيئة مثلها) أنه مراد به المشركون دون المسلمين ولا بأن هذه الآية منسوخة فنسلم لها بأن ذلك كذلك). انظر: جامع البيان 28/14؛ والناسخ والمنسوخ (217). وأما المؤلف فلم يتعرض لدعوى النسخ هنا، في تفسيره ولا في مختصر عمدة الراسخ.
(5) - الآية (46) من سورة الشورى.
(1/488)
زعم بعض من لا يفهم، أنها نسخت بقوله: { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } (1) وليس هذا "بكلام" (2) من يفهم الناسخ والمنسوخ، لأن الآية الأولى [تثبت] (3) جواز الانتصار، وهذه تثبت أن الصبر "أفضل" (4).
ذكر الآية التاسعة:
قوله تعالى: { فَإِنْ أَعْرَضُوا [فَمَا أَرْسَلْنَاكَ] عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ } (5).
زعم بعض [المفسرين] (6) أنها منسوخة بآية السيف (7).
وقد بينا مذهبنا في نظائرها [وأنها] (8) ليست بمنسوخة (9).
(38)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الزخرف"
ذكر الآية الأولى:
__________
(1) - الآية (43) من السورة نفسها.
(2) - في "هـ" "الكلام" وهو تحريف من الناسخ.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - غير واضحة من "هـ"، ذكر الطبري دعوى النسخ هنا بإسناده عن ابن زيد، وعد هذه الآية والتي قبلها ابن حزم وابن سلامة من المنسوخة بآية (ولمن صبر وغفر) الآية وقال النحاس بعد عزو قول النسخ إلى ابن زيد في الآيات الثلاثة السابقة، (وقال قتادة أنه عام، وكذا يدل ظاهر الكلام واختار الطبري إحكام الآية حيث يقول: (والصواب من القول أن يقال: أنه معنى به كل منتصر من ظالمه وأن الآية محكمة غير منسوخة، وأما المؤلف فلم يتعرض لقول النسخ أصلا في زاد المسير ولا في مختصر عمدة الراسخ. انظر: تفسير الطبري 25/25؛ ومعرفة الناسخ والمنسوخ 365؛ والناسخ والمنسوخ لهبة الله، (80) وللنحاس ص 217.
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - عد هذه الآية من المنسوخة بآية السيف ابن حزم، وابن سلامة في المصدرين السابقين، وابن هلال في ناسخه المخطوط (31) ولم ينسبوه إلى أحد كما لم يستندوا إلى أدلة نقلية أو عقلية على قولهم.
(8) - ساقطة من "هـ".
(9) - انظر مثلا مما سبق مناقشة الآيات 66، 104، 107 من سورة الأنعام، ذكره المؤلف في مختصر عمدة الراسخ المخطوط ورقة (12) ورد قول النسخ بمثل ما رد به هنا.
(1/489)
قوله تعالى: { فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ } (1) "زعم بعضهم": أنها منسوخة بآية السيف، "وقد عرف مذهبنا في نظائرها وأنها واردة" (2) للوعيد والتهديد، فلا نسخ إذن (3).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى: { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } (4) يروي الضحاك عن ابن عباس، قال: نسخ هذا [بآية السيف] (5).
__________
(1) - الآية (84) من سورة الزخرف.
(2) - غير واضحة من "هـ".
(3) - انظر على طريق المثال مما سبق الآيات 91، 112، 137، من سورة الأنعام. قلت: تجد هذه الآية معدودة في المنسوخة بلا دليل وحجة، في كتاب ابن حزم، في معرفة الناسخ والمنسوخ 365 والناسخ والمنسوخ لابن سلامة (81) والإيجاز في الناسخ والمنسوخ (31) لابن هلال ولكن الإمام الطبري والإمام ابن كثير لم يتعرضا لدعوى النسخ بل فسرا الآية بما يؤيد إحكامها كما أثبت إحكامها المؤلف في مختصر عمدة الراسخ ورقة (12). انظر: جامع البيان 28/62؛ وتفسير القرآن العظيم 4/136.
(4) - الآية (89) من سورة الزخرف.
(5) - ساقطة من "هـ".
(1/490)
وأخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن [بشران] (1) قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد! قال: حدثني أبي، وأبنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا أحمد بن يحيى بن مالك "قال" (2) بنا عبد الوهاب عن سعيد، قال: قال قتادة: في قوله: { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } قال قتادة: نسختها براءة { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (3) هذا مذهب قتادة ومقاتل بن سليمان.
(39)
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - في "م" بالتثنية، وهو خطأ.
(3) - الآية الخامسة من التوبة، ذكر هذا القول الطبري عن قتادة بطريقين صحيحين إليه ونسبه النحاس إلى ابن عباس بسند ضعيف، وبإسناد آخر إلى قتادة، وأما مكي بن أبي طالب فقد عزا دعوى النسخ إليهما بدون إسناد، ولم يناقشوا قضية النسخ ولم يتعرضوا إليها وأما المؤلف فقد نحا نحوهم بدون ترجيح ولا تعليق على قول النسخ ولكنه فسر الآية في زاد المسير فقال: (وقل سلام) فيه ثلاثة أقوال: أحدها: قل خيرا بدلا من شرهم، قاله السدي. والثاني: أردد عليهم معروفا، قاله مقاتل. والثالث: قل ما تسلم به من شرهم، حكاه الماوردي. وفسر قوله (فسوف يعلمون) بثلاثة معان: منها أنه تهديد ووعيد، وبه فسر ابن كثير أيضا ويقول الدكتور/ مصطفى زيد في نهاية المناقشة عند ذكر هذه الآية (الآية محكمة لأنه وعيد وتهديد ولأنه لم يرد خبر على نسخها عن الرسول صحيحة ولأنه لا خلاف بين الصفح في مكة مع من لم ينقضوا العهد والأمر بالقتال بالمدينة مع من نقض العهد). انظر: في ذلك كله جامع البيان 25/63؛ والناسخ والمنسوخ للنحاس (218)؛ والإيضاح (354)؛ وزاد المسير 7/335؛ وتفسير ابن كثير 4/137؛ والنسخ في القرآن الكريم 2/538 - 539.
(1/491)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الدخان"
قوله تعالى: { فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ } (1) قد ذهب [جماعة] (2) من المفسرين إلى أنها منسوخة بآية السيف (3) ولا نرى ذلك صحيحا لأنه لا تنافي بين الآيتين، وارتقاب عذابهم أما عند القتل أو عند الموت أو في الآخرة وليس [في] (4) هذا منسوخ (5).
(40)
باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الجاثية
قوله تعالى: { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } (6).
جمهور المفسرين على أنها منسوخة، لأنها تضمنت الأمر بالإعراض عن المشركين، واختلفوا في ناسخها على أربعة أقوال:
أحدها: آية السيف.
أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون وأبو طاهر الباقلاوي، قالا: أبنا ابن شاذان قال: بنا أحمد بن كامل، قال: بنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي قال حدثني عمي، عن أبيه عن جده عن ابن عباس، { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } .
__________
(1) - الآية (59) من سورة الدخان.
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ذكره ابن حزم في ناسخه (366) وهبة الله في ناسخه (81) وابن هلال في ناسخه المخطوط (31) وابن خزيمة الفارسي في ناسخه (267) ولم ينسبوا قول النسخ إلى أحد كما لم يدعموه بأي دليل.
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - هكذا رد المؤلف دعوى النسخ في زاد المسير 7/353، وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة 12، ولم يتعرض له الطبري ولا النحاس ولا مكي بن أبي طالب ولا ابن كثير.
(6) - الآية (13) من سورة الجاثية.
(1/492)
قال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يعرض عن المشركين إذا آذوه، وكانوا "يستهزئون به" (1) ويكذبونه فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة، فكان هذا من المنسوخ (2) روى الضحاك عن ابن عباس قال: نسخت بآية السيف (3).
أخبرنا المبارك بن علي قال: أبنا أحمد بن الحسين قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا يعقوب بن سفيان قال: بنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= (قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) ونحو هذا من القرآن مما أمر الله فيه بالعفو عن المشركين فإنه نسخ ذلك بقوله { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (4) وقوله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ } (5).
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: "أبنا (6) ابن بشران"، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا عبد الرزاق، قال: بنا معمر عن قتادة { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } .
قال: نسختها { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (7).
__________
(1) - غير واضحة من "هـ".
(2) - أخرجه الطبري في جامع البيان 25/87، عن ابن عباس من طريق العوفي وإسناده كإسناد المؤلف مسلسل بالضعفاء.
(3) - رواه الطبري بإسناده عن الضحاك في المصدر السابق.
(4) - الآية الخامسة من سورة التوبة.
(5) - الآية (29) من التوبة . والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/34، وقال: أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(6) - غير واضحة من "هـ".
(7) - رواه الطبري في جامع البيان 25/87، عن معمر عن قتادة.
(1/493)
والقول الثاني: أن ناسخها قوله في الأنفال: { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ } (1) وقوله في براءة { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً } (2) "رواه سعيد عن قتادة.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد" (3) قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله [بن أحمد] (4) قال: حدثني أبي قال: بنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة قال: نسختها (فأما [تثقفنهم في] (5) الحرب فشرد بهم من خلفهم) (6).
والثالث: قوله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ } (7).
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر [النجاد قال] (8) أبنا أبو داود، قال: بنا أحمد بن محمد، قال بنا ابن رجاء عن همام عن قتادة { قُلْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا "لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ" أَيَّامَ اللَّهِ } ثم نسخ - فقال: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } الآية(9).
[ والرابع: قوله] (10) { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } (11) قاله أبو صالح (12).
__________
(1) - غير واضحة من "هـ" .
(2) - الآية (36) من سورة التوبة.
(3) - غير واضحة من "هـ".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - ساقطة من "هـ".
(6) - رواه الطبري في جامع البيان 25/87، عن سعيد عن قتادة.
(7) - الآية (29) من سورة التوبة.
(8) - ساقطة من "هـ" .
(9) - الآية (29) من سورة التوبة .
(10) - ساقطة من "هـ".
(11) - الآية (39) من سورة الحج.
(12) - ذكره الطبري عن أبي صالح من طريق عبد بن حميد. انظر: جامع البيان 25/87.
(1/494)
ويمكن أن يقال: إنها محكمة، لأنها نزلت على سبب وهو أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بير فأرسل عبد الله بن أبي غلامه ليستقي الماء، فأبطأ عليه فلما أتى، قال: [ما] (1) حبسك؟ قال: غلام عمر ما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي وقرب أبي بكر وملأ لمولاه فقال عبد الله: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل: "سمن" (2) كلبك يأكلك فبلغ قوله عمر فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه فنزلت هذه الآية رواه عطاء عن ابن عباس (3).
(41)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الأحقاف "
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ } (4).
__________
(1) - ساقطة من "هـ".
(2) - في "هـ" ممن ، وهو تحريف.
(3) - ذكره الواحدي في أسباب النزول (253) والمؤلف في زاد المسير 7/357، عن عطاء عن ابن عباس، كما ذكره الألوسي في تفسيره بدون سند 35/147. قلت: ذكر المؤلف سببا آخر، وهو أيضا يؤيد إحكام الآية وذلك (لما نزلت "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا" (245) البقرة، قال يهودي بالمدينة يقال له منخاص: احتاج رب محمد، فلما سمع بذلك عمر، اشتمل على سيفه وخرج في طلبه فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلب عمر، فلما جاء، قال: يا عمر، ضع سيفك وتلا عليه الآية رواه ميمون بن مهران عن ابن عباس) وذكره الواحدي أيضا في المصدر السابق. وقد أورد المؤلف في زاد المسير قول النسخ عن الجمهور ولم يبد رأيه فيه كما فعل ذلك في مختصر عمدة الراسخ ورقة (12). وذكر معظم كتب النسخ نسخ هذه الآية بدون تعليق، وقد رأينا قول المؤلف باحتمال إحكامها، ويعتبر بعض المتأخرين هذه الآية مما تأمر بحسن المعاملة للأعداء وهذا من حكمة الدعوة إلى الله التي لا ينبغي للدعاة تركها، فهي محكمة. انظر: النسخ في القرآن الكريم 2/551.
(4) - الآية التاسعة من سورة الأحقلف.
(1/495)
اختلف "المفسرون" (1) في هذا على قولين:
أحدهما: أنه راجع إلى الدنيا، ثم لهؤلاء فيه قولان:
أحدهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء، فقصها على أصحابه ثم مكثوا برهة لا يرون ذلك فقالوا يا رسول الله: متى نهاجر فسكت فنزلت هذه الآية ومعناها: لا أدري أخرج إلى الموضع الذي رأيته في منامي أم لا رواه أبو صالح عن ابن عباس = رضي الله عنهما= (2).
قال: عطية ما أدري هل يتركني بمكة "أو يخرجني" (3) منها (4).
والثاني: ما أدري هل أخرج كما أخرج الأنبياء قبلي أوأقتل كما قتلوا، أو لا أدري ما يفعل بكم، أتعذبون أم تؤجرون أتصدقون أم تكذبون، قاله الحسن (5)
والقول الثاني: أنه راجع إلى الآخرة.
__________
(1) - في "هـ" مفسرين، وهو خطأ من الناسخ.
(2) - رواه الكلبى والثعلبي عن صالح عن ابن عباس نحوه. انظر: أسباب النزول (254).
(3) - غير واضحة من "هـ".
(4) - ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/37، وقال: أخرجه ابن المنذر عن عطية.
(5) - أخرجه الطبري في أثر طويل بإسناده عن الحسن، كما ذكره ابن كثير في تفسيره عنه. واختارا هذا القول وصوباه. انظر: جامع البيان 26/6؛ وتفسير القرآن العظيم 4/155.
(1/496)
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن أبن عباس = رضي الله عنهما = { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ } (1) (2) فأنزل الله بعدها { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } (3) وقال: { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ } (4) فأعلمه ما يفعل به وبالمؤمنين (5) وممن ذهب إلى نحو هذا أنس وعكرمة وقتادة وقد زعم قوم أن هذا [من] (6) الناسخ والمنسوخ فروى الضحاك عن ابن عباس، قال: نسختها { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } الآية (7).
__________
(1) - الآية التاسعة من الأحقاف.
(2) - كلمة (ما أدري) مكررة في "م".
(3) - العبارة مكررة في "هـ".
(4) - الآية الخامسة من الفتح.
(5) - رواه بنحوه مختصرا، الطبري في جامع البيان 26/7، عن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور 6/38، وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - ذكره النحاس، عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في الناسخ والمنسوخ 219.
(1/497)
وأخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين، قال: أبنا البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر "بن أبي داود" (1) قال: بنا محمد بن "قهزاذ" قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد، قال: حدثني أبي، وأبنا محمد بن [أبي] (2) منصور، قال: أبنا علي ابن أيوب، قال: أبنا أبو علي بن شاذان، قال: (3) أبنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحسين، عن أبيه، [عن يزيد] (4) النحوي عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ } (5) نسختها الآية التي في الفتح فخرج إلى الناس فبشرهم بالذي غفر له، ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال رجل من المؤمنين هنيئا لك يا نبي الله: قد علمنا الآن ما يفعل بك [فماذا] (6) يفعل بنا؟ فأنزل الله في سورة الأحزاب { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا } (7) وقال: { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } (8)
__________
(1) - غير واضحة من "هـ".
(2) - ساقطة من "هـ".
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - الآية التاسعة من الأحقاف.
(6) - ساقطة من "هـ".
(7) - الآية (47) من سورة الأحزاب، وفي "م" كثيرا، وهو تصحيف من الناسخ.
(8) - الآية الخامسة من الفتح، والحديث، ذكر الطبري نحوه عن عكرمة والحسن البصري، وذكره السيوطي وقال: أخرجه أبو داود في ناسخه عن ابن عباس، وذكره البغوي أيضا في تفسيره بدون إسناد. انظر: جامع البيان 26/5؛ والدر المنثور 6/38..
(1/498)
قلت: والقول بنسخها لا يصح لأنه إذا خفى عليه علم شيء ثم أعلم به لم يدخل ذلك في ناسخ ولا منسوخ، وقال النحاس: محال أن يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمشركين ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة ولم يزل يخبر أن من مات على الكفر يخلد في النار، ومن مات على الإيمان فهو في الجنة، فقد درى ما يفعل به وبهم في الآخرة، والصحيح في معنى الآية قول الحسن وما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا (1).
ذكر الآية الثانية:
__________
(1) - أخرج النحاس بإسناده عن الحسن هذا المعنى، بعد أن ذكر ما نقله المؤلف عنه، ثم قال: (وهذأ أصح قول وأحسنه لا يدري صلى الله عليه وسلم ما يلحقه وإياهم من مرض وصحة وغنى وفقر وغلاء ورخص) وقال عن النسخ (محال أن يكون فيها ناسخ ولا منسوخ، لأنها خبر وتوبيخ واحتجاج على المشركين) وإلى هذا ذهب مكي بن أبي طالب في اختيار معنى الآية وفي اختيار إحكام الآية، وكذا رجح المؤلف في مختصر عمدة الراسخ أيضا. ولم يذكر فيها النسخ إلا أولئك الذين يسردون في كتبهم كل ما قيل بدون حجة ولا برهان كابن حزم وابن سلامة وابن هلال. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص219؛ والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 356 - 357؛ ومختصر عمدة الراسخ المخطوط ورقة (12).
(1/499)
قوله تعالى: { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } (1) زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف، ولا يصح له هذا إلا أن يكون المعنى فاصبر عن قتالهم وسياق الآيات يدل على غير ذلك، قال: بعض المفسرين: كأنه "ضجر" (2) من قومه، فأحب أن ينزل العذاب "بمن" أبى منهم "فأمر بالصبر" (3).
(42)
"باب ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة محمد - صلى الله عليه وسلم - (4)
ذكر الآية الأولى:
قوله تعالى: (5) { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ [وَإِمَّا فِدَاءً } (6) فيها قولان] (7).
أحدهما: أنها محكمة، وأن حكم المن والفداء باق لم ينسخ، وهذا مذهب ابن عمر و [الحسن وابن سيرين] (8) ومجاهد، وأحمد، والشافعي (9).
[والثاني] (10) أن المن والفداء نسخ بقوله: { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (11) وهذا مذهب ابن جريج والسدي، وأبي حنيفة.
__________
(1) - الآية (35) من الأحقاف.
(2) - في "م" غير منقوطة.
(3) - غير واضحة من "هـ" ذكر هذا القول المؤلف في زاد المسير 7/393 تفسيرا لقوله (ولا تستعجل) ولم يذكر النسخ أصلا فيه ولا في مختصر عمدة الراسخ، كما لم يذكر ذلك النحاس ومكي بن أبي طالب والإمام أبو جعفر الطبري، إنما عدها من المنسوخة ابن حزم في ناسخه (368) وهبة الله في ناسخه ص 85 وابن هلال في ناسخه المخطوط (32) وابن حزم الفارسي في ناسخه 267.
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - ساقطة من "م".
(6) - الآية الرابعة من سورة محمد.
(7) - ساقطة من "هـ".
(8) - ساقطة من "هـ".
(9) - روى الطبري إحكام الآية عن ابن عمر من طريق الحسن البصري وعن الحسن وعطاء وعمر بن عبد العزيز، يقول الشافعي في أحكام القرآن: (كلما حصل -مما غنم من أهل دار الحرب- قسم كله، إلا الرجال البالغين فالإمام بالخيار بين أن يمن على من رأى منهم أو يقتل أو يفادي، أو يسبي. انظر: جامع البيان 26/27؛ وأحكام القرآن للشافعي 1/158.
(10) - ساقطة من "هـ".
(11) - الآية الخامسة من التوبة.
(1/500)
أخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا (1) أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كامل، قال: حدثني محمد بن سعد قال: "حدثني" أبي، قال: حدثني عمي عن أبيه عن جده، عن ابن عباس { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً } قال: الفداء منسوخ نسختها { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (2).
أخبرنا ابن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا ابن السرح قال: حدثني خالد بن بزار، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن حجاج [ابن الحجاج] (3) الباهلي عن قتادة { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً } قال: كان أرخص لهم أن يمنوا على من شاءوا ويأخذوا الفداء [إذا] (4) "أثخنوهم"، ثم نسخ، فقال: { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (5).
__________
(1) - في النسختين: قال، بالإفراد وهو خطأ.
(2) - أخرج نحوه الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق محمد بن سعد العوفي، وأسناده كإسناد المؤلف مسلسل الضعفاء. انظر: جامع البيان 26/26.
(3) - ساقطة من "هـ".
(4) - ساقطة من "هـ".
(5) - ذكر السيوطي نحوه في الدر المنثور 6/46، وقال: أخرجه عبد بن حميد عن قتادة، وذكر النحاس في الناسخ والمنسوخ (221) عن قتادة أنها منسوخة بآية (فشرد بهم من خلفهم).
(2/1)
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا عبد الوهاب، عن سعيد عن قتادة (فإما منا بعد وإما فداء) قال: نسخ ذلك في براءة { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } قال: أحمد: وبنا عبد الصمد، عن همام عن قتادة، قال: رخص له أن يمن على من يشاء منهم بأخذ الفداء ثم نسخ ذلك بعد في براءة، فقال: { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } قال أحمد: وبنا حجاج، قال: بنا سفيان، قال: سمعت السدي، قال: { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً } قال: نسختها { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } (1) قال: أحمد وبنا معاوية بن عمرو، قال: بنا أبو إسحاق عن سفيان عن ليث عن "مجاهد" (2) أنه قال: هي منسوخة لا يفادون، ولا يرسلون (3) قال أحمد: وبنا حجاج قال بنا شريك عن سالم عن "سعيد" (4)
__________
(1) - أخرج نحوه الطبري بإسناده عن سفيان عن السدي. انظر: جامع البيان 26 /26).
(2) - مكررة في "هـ".
(3) - ذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور 6/47، وقال أخرجه ابن أبي شيبة عن مجاهد وذكر النسخ النحاس عنه أيضا في الناسخ والمنسوخ (221).
(4) - وهو سعيد بن أبي عروبة بن مهران ثقة له تصانيف لكنه 
كثير التدليس واختلط في آخره، وكان من أثبت الناس في قتادة، من السادسة مات سنة 157هـ التقريب 124..
(2/2)
قال: يقتل أسرى الشرك، ولا يفادون حتى يثخن فيهم القتل (1).
ذكر الآية الثانية:
قوله تعالى { وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ } (2) زعم بعضهم (3) أنها منسوخة بآية الزكاة، وهذا باطل، لأن المعنى: لا يسألكم جميع أموالكم "قال السدي" (4) إن يسألكم جميع ما في أيديكم تبخلوا. وزعم بعض المغفلين من نقلة التفسير أنها منسوخة بقوله: { إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا } (5) وهذا ليس معه حديث.
(43)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق