هل التجويد واجِب في قراءة القرآن الكريم ؟
فضيلة الشيخ : عبد الرحمن السحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حيّاكم الله شيخنا الفاضل وبارك الله لنا فيكم و نفعنا الله بعلمكم
سؤالي شيخنا عن قرآءة القرآن بأحكام التجويد من مدّ و ادغام و قلقلة و روم و غيرها من مفردات هذا العلم
لأني قرأت مقالا لأحد المشايخ و فيه يتكلّم عن عدم الاحتياج الى تطبيق كلّ هذه الاحكام , أو التكلف في اخفاء حرف أصله ظاهر ( على سبيل المثال )
و علماء التجويد يشدّدون على الأخطاء في القراءة و ترك الالتزام بالأحكام و فعل "اللحن" سواءا كان جليّا أو خفيّا ,
فهل دراسة أحكام التجويد و تعلّمها و تعليمها داخل في فضل " تعلّم القرآن و تعليمه"
و جزاكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
دراسة أحكام التجويد وتَعَلُّمها وتَعْلِيمها داخل في فَضْل تَعَلُّم القُرآن وتَعْليمه .
والناس فيها طَرَفَان ووسَط ؛ فَطَرَف يُبالِغ في أحكام التجويد مبالغة شديدة ، وطَرَف يُهوِّن مِن شأنها ، والوسَط أن : يُهْتَم بها اهتمامًا يُقيم أحكام التجويد ، ويَنفي اللحن عن قراءة القرآن ، ويُعْطِي كلّ حَرْف حقَّه ومُسْتَحقّه ، مِن غير إفراط ولا تفريط .
ويجب على مَن يُقرئ القرآن ، ومَن يَؤمّ الناس ، ما لا يَجِب على عامّة الناس .
والله تعالى أعلم .
2
785 - هل يجوز أن أعلم التجويد لبنات في مثل عمري ؟
عبد الرحمن السحيم
السؤال : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. السلام عليكم أريد أن أسألكم : هل يجوز أن أعلم التجويد لبنات في مثل عمري ؟ علما وأني شاب قد جاوزت العشرين ودارس لعلم التجويد ، وعلما وأن الأخوات ليس لهم شيخ ولا امرأة تدرِّسهم . إن كان ذلك جائز فما هي شروطه ؟ وجزاكم الله عنا وعن الإسلام كل خير ؟ والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
القاعدة : درء المفاسِد مُقدّم على جلب المصالح .
والشاب الذي في مثل سنِّـك لا يأمن على نفسه أن يُفتَن .
بل كل حي من بني آدم لا يأمن على نفسه الفتنة .
والذي أراه أن لا تفتح على نفسك باب فتنة .
فإن دراسة التجويد ليست واجبة على النساء ، إذ لن يتقدّمن الناس في جماعة .
أما إذا وَجدْنَ من يُدرِّسهن من النساء فلا يُمنعن منه .
والله تعالى أعلم .
=======================
3
وما هي طرق الدعوة ؟ وما هي مواصفات الداعية ؟
عبدالرحمن السحيم
ما هي نصائحك وإرشاداتك للدعوة إلى الله بشكل يرضي الله ثم يرضي الناس ؟ وما هي طرق الدعوة ؟ وما هي مواصفات الداعية التي يجب أن يتحلى بها ؟
الجواب :
الدعوة إلى الله فتحتاج إلى صَبْر وبَصَر .
تحتاج إلى صبْرٍ وبصيرة . قال تعالى : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)
وتحتاج إلى إخلاص . قال تعالى في آخر الآية السابقة : (وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .
نسأل الله أن يَرزقنا الإخلاص .
وعلى الداعية أن يَكون بَصِيرًا بِمَا يَدعو إليه ، ولا يُشْتَرط أن يَكون عالِمًا ، فإنَّ مِن الناس من لا يُفرِّق بين الاثنين !
فَعِنْد بعض الناس إمَّا أن تَكُون عالِمًا يُشار إليك بالبَنان أو لا َتدْعُو !
ومفهوم آخر : ما أن يَتَكلِّم إنسان فيما يُحسِنه إلاَّ أقْحَمه الناس فيما لا يُحسِنُه !
والوسط هو المطلوب :
أن يَتَكلَّم الإنسان فيما يُحسِن ، ولو كان حديثا واحِدًا أوْ مسألة واحدة ، وفي الحديث : بَلِّغُوا عنِّي ولو آية . رواه البخاري .
ورأيت مَرَّة شابًّـا يؤمَّ الناس في صلاة التراويح حَسَن لصوت ولَمَّا يَطُرّ شاربه بَعْد !
وليس في هذا عيب .. يُحسِن التجويد ، ويحفظ القرآن ، ولكن هذا لا يُؤهِّله للفتوى ، فالفتوى تحتاج إلى طَلَب عِلْم ، وإلى ثني رُكَب في حِلَق العلماء .
هذا الشابّ كان الناس يسألونه بعد الصلاة ، وكان لا يَجِد غضاضة أن يُجيب !
أحدُهم مرَّة يَقول : يَصْعُب عليّ أن يَسألني أحد ، ولا أُجِيبه وأنا إمام مسجد !
وعلى مَن يَسْلُك طريق الدعوة إلى الله أن يَصْبِر على طَلب العلم ثم يَصبر على المدْعوّ
قال ابن عباس رضي الله عنهما : لَمَّا تُوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم قُلتُ لِرَجُلٍ من الأنصار : هَلُم نَسأل أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنّهم اليومَ كثير ، فقال : وَاعَجَبًا ! لك يا ابنَ عباس ، أترى الناس يَحتاجون إليك ، وفي الناسِ مِن أصحاب النبي عليه السلام من تَرى ؟ فَتَرَكَ ذلك ، وأَقْبَلْتُ على المسألة ، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائلٌ فأتَوسّدُ رِدائي على بَابِه ، فَتَسْفِي الريح عليَّ التُّرَاب ، فيخرج فَيَرَاني ، فيقول : يا ابن عم رسول الله ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول : أنا أحق أن آتيك فأسألك . قال : فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس عليّ ، فقال : هذا الفتى أعقل مني .
وكان ابن عباس يَعرف لمعلّميه حقّهم ، فقد قام ابن عباس إلى زيد بن ثابت فأخذ له بِرِكابِه ، فقال : تَنَحّ يا ابنَ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنَّـا هكذا نفعل بعلمائنا وكُبرائنا
وبعد هذا بِزمَن قال ابن عباس : ذَلَلْتُ طَالِباً ، فَعَزَزْتُ مَطْلُوباً .
وعلى الدَّاعي إلى الله أن يَكون حريصا على هِداية الْخَلْق ، ويَكون هذا هو همّـه ، لا يَطلب حظًّـا مِن حُظوظ نفسه ، ولا يُريد رياء ولا سُمْعَة ، وأن يَتواضَع لله ثم للناس .
وأن يَحتَرِم عُقول الناس ، فلا يَتَكلَّم فيما لا يُحْسِن ، ولا يَتَكلَّم في أمْـرٍ لم يَسْبق له تحضير الكلام فيه .
فإن عمر رضي الله عنه لَمَّا أراد أن يَتكلَّم في سقيفة بني ساعِدة ، زَوَّر في نفسه كلاما لِيَقُوله .
أي أعَدّ كلامًا وجَهَّزَه .
وأن يَحرِص الداعي إلى الله على تَعلُّم العِلْم ، وأن لا يأنَف أن يَقول ( لا أدري ) لِمَا لا يَعْلَم ، ولا يستحي أن يسأل عمَّا جَهِل .
قال مَجَاهِد : لا يَتَعَلَّم العِلْم مُسْتَحي ولا مُسْتَكْبِر .
وقال أبو بكر أحمد بن محمد الدينوري الحنبلي :
أخي لن تنال العلم إلاَّ بِسِتّةٍ = سأنْبِيك عن مَكنونها بِبَيانِ
ذكاءٌ وحِرصٌ واجتهادٌ وبُلْغَةٌ = وإرشادُ أستاذٍ وطولُ زمان
وقال :
تَمَنّيتَ أن تُمْسِي فَقِيها مُنَاظِرا = بِغَير عَناء ، والْجُنون فُنون !
وليس اكتسابُ المال دون مَشَقّة = تَلَقّيْتَها ، فالعلم كيف يكون ؟
قال ابن الجوزي : ما يَتَنَاهَى في طلبِ العلم إلاَّ عاشِق ! والعاشق يَنبغي أن يصبر على المكارِه . ذَكَر ذلك ابن مُفْلِح في الآداب الشرعية .
وأن تكون الدعوة هـمّ وليستْ تِجارة !
وأن يَعلَم الداعية أن الْمَكَارِم مَنَوطَـةٌ بالْمَكَارِهِ ، كما قال ابن القيم رحمه الله .
وأما مسألة القبول فهي فضْلٌ ومِـنَّـةٌ من الله .
يُوضَع القَبول في الأرض لِمن أحبّه الله .
وفي الحديث : إذا أحبّ الله العبد نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحْبِبْه ، فَيُحِبّه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحِبّوه ، فَيُحِبّه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض . رواه البخاري ومسلم .
وأن يَسأل الله دومًا القَبُول والتوفيق ، والْهُدى والسَّداد ، ففي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : قُل : اللهم اهْدِنِي وسَدِّدْني ، وأذْكُر بِالْهُدَى هِدَايتك الطَّرِيق ، والسَّدَاد سَدَاد السَّهْم .
وأن يَبْرأ مِن حَولِه وقُوّتِه إلى حَول الله وقوّتِه .
ويَنْبَنِي على ذلك أن لا يَغْتَرّ بِما حَصَّل ِمن عِلْم ، وان يَعْرِف ويَعتَرِف بأن الفَضْل لله ، وما بِه مِن نِعْمَةٍ فَمِن الله .
وأن يُكثِر من الاستغفار خاصَّة إذا أُغْلِقَتْ عليه المسائل .
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا اسْتَغْلَقَتْ عليه مسألة استغفر أكثر من ألف مرّة حتى تُفْتَح له وُجوه الحقائق . ونسأل الله التوفيق والإعانة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق